الطبقة المتوسطة الأميركية في الطريق الصعب

ت + ت - الحجم الطبيعي

الطبقة المتوسطة الأميركية، شأن الاقتصاد الأميركي عامة، تعاني من المرض، وقد وصلت مساهمة قوة العمل إلى أدنى مستوى لها منذ 35 عاماً، ومتوسط دخل الأسرة هو الآن في مستوى أقل مما كان عليه قبل 5 سنوات، والـ 5%  الأعلى في السلم الاجتماعي فقط هي وحدها التي شهدت زيادة في ظل الرئيس أوباما.

ويدفع ملاك السيارات ما يزيد على مثلي ما كانوا يدفعونه مقابل الوقود في عام 2008، والمدفوعات الاتحادية من أجل كوبونات الغذاء والتأمين ضد البطالة والعجز وصلت إلى مستويات غير مسبوقة.

وفي غضون ذلك، فإن الولايات المتحدة لا تزال تعاني من عجوزات شبه قياسية في الميزانية، وهي مثقلة بدين تراكمي يصل إلى 17 تريليون دولار، ومع ذلك فإن سوق الأسهم تُحلّق عالياً.

لقد وعد أوباما باستعادة الطبقة المتوسطة الأميركية، وفي حقيقة الأمر أنه طبق السياسات نفسها التي أحدثت أقصى قدر من الضرر بالنسبة لهذه الطبقة، وعلى الرغم من كل الحديث عن البنية التحتية أو التحفيز، فإن آخر 6 تريليونات من الاقتراض الفيدرالي يبدو أنها قد تم إهدارها على إنقاذ المصارف والشركات الخضراء وزيادة قوة العمالة الفيدرالية وتنظيم القطاع الخالص ودعم من لا يعملون.

ولا يزال الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يبقي أسعار الفائدة عند مستوى قريب من الصفر، وهذا غالباً ما يساعد وول ستريت، حيث تتدفق الأموال بجنون بحثاً عن أي نوع من العائد.

ولا يرى العاملون من أبناء الطبقة المتوسطة الأميركية إلا فرصاً محدودة للتقاعد، فيما مدخراتهم المتواضعة لا تكسب عائداً تقريباً، وهكذا فإنهم مضطرون للبقاء في الوظائف لوقت أطول. وبطريقة التفافية، فإن بقاءهم على هذا النجو يجعل معدلات البطالة بالنسبة للعاملين الشبان أكثر سوءاً.

لقد هدد أوباما دائماً بفرض ضرائب أعلى على الأكثر ثراء من الأميركيين، وهو قد حقق هذا الهدف بفرض معدل ضريبي اتحادي جديد قدره 39.6 % على الدخول الأعلى، إلى جانب الضرائب التي تفرضها الولايات. غير أن هذه النوعية من الضرائب لا تؤثر كثيراً على الأثرياء جداً، وذلك أن دخلهم غالباً ما يجري استثناؤه من دفع الضرائب من خلال التجنب الضريبي المعقد، أو في حالات أكثر من خلال عوائد رأس المال الأقل تعرضاً للضريبة.

ومن خلال وقف التراخيص بالنسبة للغاز والنفط في الأراضي الفيدرالية، فإن الإدارة الأميركية قد تخلت عن الفرصة لإيجاد ملايين الوظائف الجديدة في قطاع النفط والوصول إلى أسعار أرخص للوقود. وفي الوقت الحالي فإن فواتير الطاقة الأرخص، وأسعار الوقود الأقل، وإيجاد المزيد من الوظائف في قطاع الطاقة كل ذلك يعتمد تماماً على أولئك الذين ينقبون في الأراضي الخاصة برغم الجهود الفيدرالية وليس بسببها.

والفقراء الذين غالباً ما لا يدفعون ضرائب دخل فيدرالية، سيحصلون على برنامج رعاية صحية فيدرالي ذي طابع بيروقراطي، والكثير من الأثرياء يشيدون ببرنامج أوباما كير، ولكنهم سيستخدمون أموالهم في هدوء لتجنبه، والطبقة المتوسطة سوف ترى أقساط تأمينها تحلق عالياً ونوعية تغطيتها الصحية تتهاوى.

هذه أوقات سوريالية، فالنخب الغنية التي تساعد على استبعاد الوظائف في مجالات الطاقة وقطع الأخشاب والتعدين يظن أنها ليبرالية، ولكن هذا لا ينطبق على الدوام بالنسبة للطبقات المتوسطة التي تعاني من النتائج في شكل وظائف مفقودة ووظائف أعلى.

لم يحدث من قبل قط أن كان شيئاً جيداً على هذا النحو أن نستثمر في حكومة فيدرالية يتسع نطاقها إلى حد كبير، إما لتوسيع أو لتلقي المعونات الفيدرالية، ولم يحدث من قبل قط أن كان شيئاً مترفاً على هذا النحو أن تعمل في المصارف أو في وول ستريت..

ولم يحدث أيضاً أن كان شيئاً سيئاً بمثل هذا القدر أن نحاول الحصول على وظيفة جيدة. وإذا شئنا أن نفسر ما سبق أن قاله المؤرخ الروماني تاسيتوس، فإننا حيثما جعلنا الطبقة الوسطى صحراء، فإننا نكذب على أنفسنا ونسمي هذا انتعاشاً.

 

Email