الطريق إلى النجاح

ت + ت - الحجم الطبيعي

«لا يهم إن كنت أسداً أو غزالاً، فمع إشراقة كل صباح يتعين عليك أن تعدو أسرع من غيرك حتى تحقق النجاح».

محمد بن راشد آل مكتوم

 

سُئل مروض (الفيلة) لم تقيدون الفيل على ضخامته بقيد صغير وسهل الكسر، لم لا يحاول هذا العملاق أن يهرب أو يكسر القيد؟ أجاب: بعد أن يولد الفيل يتم تقييده وهو صغير بقيد يكون من الصعب عليه كسره نظراً لصغر سنه، يحاول الفيل الصغير التحرر من قيده إلى أن ييأس ويتوقف عن المحاولة، وبعد أن يكبر ويصبح ضخماً لا يفكر أبداً في فك هذا القيد لاعتقاده أنه لا يستطيع دون أن يجرب أو يحاول كسر قيده والانعتاق منه.

لا يعرف كثير من الناس كم كانوّا قريبين من تحقيق أهدافهم وصنع نجاحهم عندما توقفوا عن المحاولة إنها المثابرة والعزيمة والإصرار، هذه هي صفات الناجحين التي تمنحهم الأجنحة التي توصلهم إلى قمم عالية لا يستطيع غيرهم الوصول إليها ولا حتى التفكير بإمكانية التربع عليها، لكي تنجح عليك أن تحاول بكل طاقتك ويجب عليك أن تستمر في المحاولة، عليك أن تنجح لأنك خُلقت لتكون ناجحاً وعليك أن تثق بأنك قادرٌ على صنع "فرح حقيقي" لك وللآخرين، عليك أن تقتنع أولاً قبل غيرك بأن بداخلك "كنزاً ثميناً" هو مفتاحك للنجاح الحقيقي.

لا يتعلق هذا الكلام بالفرد فقط، بل ينطبق على كل المجتمعات الإنسانية، فلا يمكن أن يكون هناك مجتمع متماسك يتطلع إلى الرفاهية دون أن يكون مجتمعاً خلاقّاً ولن يكون خلاقاً إلا إذا استطاع أفراده استخراج طاقتهم "الإيجابية" الكامنة بداخلهم وتحويلها إلى ممارسات عملية يومية تشيع بينهم وتصبح جزءاً من ثقافتهم وتفاصيلهم اليومية..

تجلس الأمم على كنوز من الطاقة الإيجابية المكتنزة داخل كل فرد فيها. وما عليها إلا أن تلتزم وتعمل وتحاول من أجل البناء والتطوير وإعلاء صوت الحق والقانون والنظام إذا أرادت أن تكون في مصاف الأمم المتقدمة، فعلينا أن نسعى ونحاول دائماً من أجل التطوير والتحسين ليعُمّ النمو والازدهار، وحدها المجتمعات التي تحاول أن تنفض الغبار عن قلبها وعقلها وعيونها تبصر طاقتها المكنونة وتنطلق نحو النجاح والمنعة والقوة بعيداً عن الوهم واجترار الماضي وثقافة اللوم.

هناك سؤال يرد إلى الذهن هنا، كيف تستخدم طاقتك الإيجابية لتنجح وتتغير ومن ثم تُغير محيطك ومجتمعك وعالمك؟ يقول غاندي "كن التغيير الذي تريد أن تراه" إن البدء بالنفس هو الأساس لأي تغيير فردي أو جماعي، حتى تتغير لتنجح فأنت تنطلق من نظرتك الإيجابية، وتفاؤلك بمستقبل تصنعه أنت أولاً ولا أحد غيرك، عليك أن تقرر أن تكون فاعلاً في الحياة ومؤثراً بها، لا متأثراً بها، لا بد أن تسبر أغوارك لتخرج المخزون الهائل من الطاقة الإيجابية وتجعله وقوداً ينير شعلة دربك ويطمس ظلام الخوف والتردد من حياتك، ببساطة عليك أن تقتنع أولاً بأنك قادر.

وأن تمنح نفسك فرصة كاملة لتعمل وتجرب وتحاول، إن حكمك الإيجابي على الأمور هو الذي سيسهل مهمتك ويدفعك إلى الإصرار على العمل والمحاولة والتجربة لتحقيق النجاح. كما أن نظرتك الإيجابية الواثقة هي التي تدفعك إلى أن تستثمر وقتك في محاولات ستلاقي حتماً التوفيق والنجاح.

هذه قصة سلبية ولكنها هنا للعبرة والتوضيح، تذكرون قصة القرود الخمسة التي أُدخلت إلى قفص فيه سلّم وفي أعلى القفص قطف موز وكلّما حاولت القرود استخدام السلم للوصول إلى الموز؛ تم رشها بالماء المغلي فتسقط جميع القرود على الأرض، إلى أن قام أحد القرود منفرداً بالمحاولة فتمّ رشّه بالماء المغلي ووصل الماء إلى باقي القرود، فقامت بقية القرود بضرب القرد الذي حاول، وبعد فترة تم استبدال أحد القرود بقرد جديد لم يشاهد العملية، وحين حاول أن يصل للموز ضربته القرود الأربعة، واستمرت القرود في ضرب كل من يحاول الوصول إلى الموز دون أن تسأل نفسها لماذا؟ لقد تم تدجين هذه القرود حتى كفت عن المحاولة، ومنعت غيرها من المحاولة.

يقول ادريسون سويت ماردن "هؤلاء الذين يتمتعون في طبيعتهم بذلك السعي الحتمي وراء الأفضل والذين لا يقبلون أي شيء أقل منه، هم الذين يحملون رايات التقدم ويضعون المقاييس والمثل للآخرين" فلتبدأ، ولتعامل كل شيء بداخلك وحولك ومعك وعليك كما تحب أن تُعامل ولتبادر بإقناع نفسك بالنجاح، وأنه لن يقف شيء أمام طريق نجاحك مهما كان، فالعالم يفسح الطريق لمن يعرف وجهته ويثق بقدرته على الوصول إليها، عليك أن تقنع نفسك وتقتنع بأنك محور التغيير، وبعدها، سترى لذة النجاح عليك وعلى غيرك من بيئة ومجتمع، وبعدها أيضاً ستنسجم مع نفسك لأنك اقتربت من فك ألغازها وإدراك أسرارها ومعرفة قدراتها لإطلاق طاقتك الإيجابية نحو كل شيء إيجابي وناجح وبنّاء، فلا شيء يمكنه أن يقف أمام الإرادة البشرية التي تحدد أهدافها وتصرّ على تحقيق نجاحها.

Email