سعادة شعب

ت + ت - الحجم الطبيعي

"عن شعبنا جت لنا أحلى العلوم

أنه أسعد شعب شياب وشباب

الحكـومة له على الـواجب تقـوم

وكل يوم ينفتح للخير بــــاب"

 محمد بن راشد آل مكتوم

 ما شجعني على كتابة هذه المقالة هو حصول الإمارات على المركز الأول عربياً والرابع عشر عالمياً، في المسح الثاني للأمم المتحدة لمؤشرات السعادة والرضى بين الشعوب، وهي بشارة خير وشهادة حق ونتيجة مستحقة، على أن من يعيش على ثرى الإمارات مواطناً أو غير مواطن يشعر بالسعادة والطمأنينة، وأنه يثق بنفسه وبقيادة الإمارات وبمستقبله ومستقبل أبنائه في ربوع هذا الوطن المعطاء.

لم تأت هذه النتيجة من فراغ، بل هي نتاج عمل مبدع وجهد مخلص، والتزام لا يلين باحترام الإنسان وتوفير الظروف الملائمة له ليعيش بأمن واحترام وأمان، وتأمين كل الفرص اللازمة له ليعمل ويبدع ويقدم أفضل ما لديه من خبرات ومعارف ومهارات وقدرات.

يقول أرسطو إن "السعادة هي هدف البشرية الحقيقي"، ومن منّا لا يبحث عن السعادة؟ فالكل يبحث عنها، وكلنا نتوق إلى ذلك الشعور السحري الذي يجعلنا في حال طيران وتحليق قد يصل بنا إلى عنان السماء، نقضي عمرنا كله في عملية بحث دائم غير منقطع، نريد أن نكون سعداء، ولكن البعض لا يعرف كيف يحقق ذلك، ولا يعرف الطريق الذي يجب أن يسلكه ليصل إلى السعادة والطمأنينة.

السعادة شيء نسبي، وأسباب السعادة كثيرة وهي تختلف من شخص لآخر، ففاقد المال يجد أن السعادة في المال، وفاقد الولد يجد أن سعادته تتوقف عند ذلك المفقود، ومن يعاني من فقدان الدفء الأسري يغبط من يمتلك ذلك الدفء، ومن يبحث عن وظيفة يعتقد أن السعادة هي الحصول على وظيفة ملائمة أو عرض عمل مغرٍ، ويعيش هؤلاء جميعاً معظم عمرهم على شطآن الحياة، ينتظرون هذه السعادة التي قد تأتي أو لا تأتي، وقد تكون أو لا تكون.

للقيادة دور في تحقيق رفاهية الشعوب وسعادتها وطمأنينتها، وهذا ما يؤكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في محاضراته وكتبه، فهو يقول في كتاب "رؤيتي": "البلد بخير والخير باقٍ بإذنه تعالى، والإنجازات كثيرة والنجاح الذي ينتظرنا أكبر من النجاح الذي عرفناه، فلنعمل معاً ولنكن متفائلين.

ولنشع في مجتمعنا الجو الإيجابي ولنترك التقوقع إلى عشاق التقوقع ولنتجه إلى الأمام. إن إشاعة الروح الإيجابية في الناس وتعزيز الطاقة الإيجابية في المجتمع لا يتحققان بالكلام، بل بالعمل والمشاريع وبتجارب النجاح وإعطاء الشباب المسؤولية وتمكينهم من العمل والإنتاج وتعميم الخير".

هذه هي القيادة الملهمة والمحفزة التي تقدم القدوة الحسنة لشعبها، وهي التي تؤمن أن الإنسان هو أغلى ما تملك الأمم والشعوب، وأن واجب الحكومة هو العمل على خدمة الناس وتحقيق رضى الناس وإسعاد الناس.

وللحكومة دور أساسي في إسعاد الناس يجب أن يدركه كل قائد ومسؤول وموظف حكومي، من أجل أن يعمل الجميع كفريق واحد لتقديم أفضل الخدمات وتوفير أفضل البنى والمرافق، وقيادة جهود التنمية الشاملة الموجهة لخدمة الإنسان أولاً.. على القادة والموظفين التواصل مع الناس والاستماع إليهم، والعمل ما أمكنهم ذلك على تلبية طلباتهم وحتى التفوق على توقعاتهم.

عندما بدأت مرحلة نشر مفاهيم التميز ومتطلباته في القطاع الحكومي في أواخر التسعينات، كان تعريف التميز في الخدمة يتمحور حول تحقيق رضى المتعاملين فقط، ولكن هذا المفهوم لم يعد كافياً الآن، فالتميز في الخدمة يعني تلبية المتطلبات والتفوق على التوقعات والوصول إلى مرحلة إسعاد المتعاملين، وهو ما يجب أن يدركه ويعمل على تحقيقه كل مسؤول وموظف حكومي.

ولكن الدور الأكبر في تحقيق السعادة يقع على الفرد نفسه، لأن السعادة شعور روحي ذاتي، فلا يمكن لأي قوة في الدنيا أن تجعلك سعيداً ومطمئناً دون أن ترغب وتقتنع ذاتياً بذلك... كيف تصبح سعيداً؟ إجابة هذا السؤال تعتمد عليك كفرد وإنسان أولاً وأخيراً.

يصبح الإنسان سعيداً عندما ينسجم مع نفسه ويتصالح مع ذاته، وعندما ينسجم ويتآلف مع الآخرين ويتصالح معهم، تأتي السعادة من داخل الإنسان، من قلبه وروحه وعقله وفكره، عندما تتآلف وتنسجم جميعاً وتعمل بتناغم ليكون للإنسان دور وبصمة وقيمة في هذه الحياة، وعندما يرضى الإنسان عن نفسه ويرى الرضى في عيون الآخرين عن دوره وإسهاماته وإنجازاته وبصماته في هذه الحياة.

 

Email