ياسمين

درهمان..

ت + ت - الحجم الطبيعي

طلب من والده أن يشتري له دراجة يلهو بها مع رفقاء المدرسة، فرفض والده رفضاً قاطعاً وبيّن له المخاطر الناتجة عن اللهو بالدراجات، إضافة إلى أنها قد تلهيه عن دروسه. لجأ الولد إلى والدته علها تكون أكثر تفهماً لطلبه، فصدته وكانت أكثر قسوة عليه من والده.

وجد نفسه في هذا الحصار المادي والخيبات المتتالية لتوفر الموارد المالية لشراء احتياجاته، وقلة الحيلة في إيجاد عمل حكومي مناسب يدر عليه دخلاً ويجعله مستقلاً مالياً، فهو لا يزال في الإعدادية ويعاني من ضعف دخله الذي لا يتجاوز درهمين، يستلمهما كل صباح أثناء ذهابه إلى المدرسة لشراء عصير وسندويتش، وعدم قدرته على الاستدانة لأنه يعلم يقيناً أنه لن يتمكن بسهولة من إرجاع ما يقترضه، وقد يصل الخبر إلى والديه فيكون مصيره المزيد من العقوبات والتعقيدات والحرمان وتزداد الصعوبات الحياتية، ويستمر الحال به من سيئ إلى أسوأ..

عندها لم يجد كلمة تساعده غير "الاستثمار من العدم"، وذلك باستثمار الدرهمين وتحويلهما إلى ثروات.. قرر أن يوفر الدرهمين، وفي أول صباح على قراره، لم يشتر أي شيء بالدرهمين وكانا أغلى ما يملك، وفي اليوم الثاني كانت لديه أربعة دراهم، وفي اليوم الثالث اشترى كيسين من خبز "صمون" لعمل الشطائر، وكل كيس فيه ست "صمونات"، أي أن المجموع اثنتا عشرة شطيرة، وبالدرهم الآخر اشترى كيس مقرمشات البطاطا "جبس"، واستعان بثلاجة منزله ووضع الجبن في السندويتشات مع قطعتين من الجبس، ولف الشطائر بأوراق جميلة حصل عليها من منزله..

باع الشطائر لزملائه في المدرسة، بسعر درهم للشطيرة، فتجمع لديه أحد عشر درهماً، وأكل شطيرة واحدة، فمجموع ما توفر لديه هو 11 درهماً، وعليه اشترى 5 أكياس من الصمون ليبيع ما يقارب 29 شطيرة.. وهكذا دواليك حتى استطاع جمع مبلغ مالي، مع العلم أنه يستلم كل يوم درهمين.. وبدأ ينوع في بضاعته: شطائر الجبن والشوكولاتة والمربى.. الخ، فاستطاع خلال شهرين جمع مبلغ الدراجة التي أحضرها إلى منزله، فكانت أغلى ما يملك لأنها جاءت بجد واجتهاد، وبدأ يخطط لأعمال تجارية أخرى ببيع أغلفة الهواتف والملصقات.. وهذا هو الاستثمار من العدم.

Email