لن أتزوجك

ت + ت - الحجم الطبيعي

في فترة من فترات الزمن لم يكن لمعظم الفتيات رأي في اختيار شريك الحياة. كانت الترتيبات تتم للزواج منذ طفولتهن، وتنشأ على منوال واحد لشخص لا خيار لها فيه.

ومع ذلك كانت هناك علاقات زوجية ناجحة، بل اننا نستطيع أن نقول إن المجتمع لم يعان في تلك الحقبة من كثرة الطلاق. ترضى المرأة بقدرها ويحترم الرجل قرارات اسرته ومجتمعه، وتعتبر الضوابط الاجتماعية والأعراف الرادع الأكبر لعدم التسرع في الطلاق.

ومع النشأة الحديثة وانخراط الفتيات في التعليم وتعدد الثقافات لم يعد سحب البساط من تحت أقدام النساء بالسهولة السابقة، وأعذار المجتمع السابقة ليس لها مبررات في العصر الحديث، بل إن العديد من الأسر تتجنب الاستعجال في تزويج الفتيات حتى لا تنجر الى ويلات الطلاق.

ويحدث ان ترفض الفتاة احدهم، ولكن لا يحترم خيارها وقرارها بعدم الزواج منه دون إبداء الأسباب، ومن هنا يصدح زئير الأسد وتلفيق التهم وتشويه السمعة وخلط الباطل بالحق، والمشكلة تتأزم إن حدث الرفض بين الأقرباء او بين الزملاء في العمل، والغلبة تكون للسلطة.

أعرف زميلة تعمل في مؤسسة لمدة ليست بالقصيرة امتدت لأربع سنوات، كانت ذات قدرات ومهارات وكفاءة في عملها، لم يعاتبها مسؤولها يوما او ينتقص من قدراتها، كان يدرك انها تحرص على عملها أكثر من حياتها الشخصية، ولكنه لم يتوقع انها تعمل بإخلاص حباً بعملها.

ولتحقيق المزيد من النجاحات العملية، لم يتوقع ان عملها ليس من أجله، جاءت توقعاته بخلاف المألوف، فهي قد صعقته وشلت تفكيره وحطمته، بل رضخت به الأرض، وهو العملاق مقارنة بحجمها الضئيل. عندما اعتذرت له وقالت: لن اتزوجك.

كانت شامخة في رفضها له، لا تريده، بل انها لا تريد حتى التفكير في الموضوع لأسباب احتفظت بها لنفسها، فكان مصيرها الإبادة والسحق تحت عجلات تلطيخ السمعة، ولا أحد يعلم بما دار بينهما من حوار، وانجرف الجميع يبرر له ويغتالها، وبعد تلفيق التهم انهيت خدماتها وقاومت الشر، واعلنت: لن اتزوجك.

متى يفهم الرجل بأن المرأة عندما تبدي رأيها لا تقصد منه اهانتك، بل انها برفضها لك تحترم حياتك وخصوصياتك، وانها لم تخدعك ولا رغبة لها في اموالك ومنصبك او ما تملكه، فقط هي لا تريد ان تكون انت شريكها في الحياة.

Email