ثيوقراطية «الإخوان»

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد ثورة 25 يناير في مصر كانت الأحداث تتجه باندفاع إلى الدولة الثيوقراطية أو بالمعنى الأصح : الدولة الدينية وتباينت آراء السياسيين والمثقفين إزاء المخاوف من احتمال توجه البلاد نحو الدولة الدينية، لا سيما بعد الظهور القوي لجماعة الإخوان المسلمين ووصولهم إلى الحكم عبر انتخابات يعلم الله كيف جرت.

بعد سنة من حكم الإخوان لمصر ظهرت نواياهم ومقاصدهم في جعل البلاد تحت حكم الكهنة أو الحكم الديني، لما استفاق الشعب المصري العظيم من غيبوبته جراء خروجه من حكم النظام السابق انتفض هذا الشعب لأنه لا يريد أن تكون دولتهم ثيوقراطية تحكمهم جماعة من المتشددين بلا أمان.

ويمثلون خطراً على البلاد والعباد لكونهم لا يقبلون الآخر ويصرون على وجهة نظرهم ويعتبرون أنفسهم على حق وغيرهم على باطل، ويريدون الجهاد دون تحقيق شروط الجهاد، ولما تبين أن هذه الجماعة تمثل خطرا كبيرا على القطر المصري وأقطار المنطقة العربية.

وأمام تعنت الجماعة وإصرارها على إدخال البلاد في ظلام والتوجه بها إلى مستقبل مجهول، انتفض الشعب المصري العظيم وقام بعزل رئيسهم محمد مرسي حفاظا على الديمقراطية ودِرْءاً للمصير المجهول إذا استمرت هذه الشرذمة في حكم البلاد.

ولكي لا تصبح مصر ثيوقراطية هزيلة لا تقبل الديانات الأخرى ولا تقبل غير الإخوان في مصر، وتبين أن هذه الجماعات الوافدة على حكم مصر يجب أن لا يقبلها الشعب المتيقظ لأنها تريد أن تنحرف به وتُطَرًّفَهُ وتجعل منه : "هذا تبلغياً .

وهذا إخوانياً "على اعتبار أن لجماعة الإخوان إشكالات مع المجتمع والمرأة والأقباط والعلاقة مع دول الجوار ومع الغرب، وهم سبب كثير من المشاكل التي تحدث في أي دولة عربية، إضافة إلى الخراب الذي يتسببون فيه لأنهم دائما يسعون إلى المناصب والكراسي ولا يهمهم الشعب بقدر ما يهمهم إرضاء مرشدهم. أقوالهم شيء وأفعالهم شيء آخر.

لقد أراد الإخوان أن يجبروا الشعب المصري العظيم على الركوع والخنوع لهم ولرئيسهم، مثل حال إيران؛ أرادوا أن يدنسوا تاريخ مصر القديم والحديث وينسفونه ويأتون بتاريخ إخواني تقدسه كافة الطبقات، وإجبار الشعب على تبني أفكارهم وتقديسها.

أرادوا أن يتنازل الشعب المصري عما أكرمه الله به من الإجماع والألفة والطريق الصحيح، وينتمي إلى جماعات تفرقه وتشتت شمله وتزرع العداوة بين أفراده، هذا لا يجوز لأنه يعتبر خروجا عن المنهج القويم والصراط المستقيم، أرادوا أن يعودوا بمصر- وهي المذكورة في القرآن- عدة سنوات إلى الخلف.

أخطاء جماعة الإخوان كثيرة وفظيعة؛ فهم لا يعتمدون على أدلة الكتاب والسنة وإنما يعتمدون على أفكار ومناهج جديدة مستحدثة يبنون عليها سيرهم ومنهجهم ومن أوضح ما في ذلك أن الًلاء والبراء عندهم إنما يكون لمن دخل معهم فمن دخل معهم فهو صاحبهم يوالونه.

ومن لم يكن معهم فإنهم يعادونه؛ ولو كان من أخبث خلق الله ولو كان من الرافضة فإنه يكون أخاهم وصاحبهم فمن مناهجهم أنهم يجمعون من هب ودب حتى الرافضة الذين هم يبغضون الصحابة ويسبون زوجات النبي ولا يأخذون بالحق الذي جاء عن الصحابة.

هم يعتبرون كل من دخل إلى حظيرتهم منهم وصاحبهم، لهذا وجبت الحيطة والحذر منهم وهذا ما قام به الشعب المصري بقيادة جيشه العظيم وأطاح بهم، لأن مصر هي بلد المسلم السني والشيعي والمسيحي وكل الديانات ولا تتحمل أمثال هؤلاء حكاماً لهم فلا أحد يستطيع أن يفرض عليهم الثيوقراطية.

غداة تولي مرسي الرئاسة في مصر سافر إلى إيران ليأخذ منها منهاج الثيوقراطية المنتشر فيها بنسبة 96 ٪ فالحكومة الإيرانية استطاعت إجبار الشعب الإيراني على قبول الثيوقراطية ولو على مضض.

مرسي والمرشد أرادا العمل بالثيوقراطية لكنهما فشلا تماماً أمام الشعب المصري العظيم لأنه لا يقبل أن يستعبد من الرؤساء، فكفاه ما عانى على مدى ثلاثين سنة مضت، شعب مصر العظيم استأصل الثيوقراطية الإخوانية من جذورها ويريد الآن من الحكومة المصرية الجديدة أن تعمل على إزالة هذه الشرذمة من الخريطة السياسية وعدم إعطائهم الشرعية أو تمكينهم من المناصب.

الانتقادات الموجهة لجماعة الإخوان المسلمين هي كونهم جماعة ديكتاتورية تسير أمورها عن طريق القرارات التي تتخذها القيادات الإخوانية العليا ورغم رفع الإخوان لشعار "الشورى" إلا أن الكثيرين ممن تركوهم يقولون إن الشورى عند الإخوان وهمية ومسافة الحرية والاختيار المتاحة للأفراد مسافة ضيقة للغاية مما دفع عددا من المنتسبين لهذه الجماعة لتركها.

ما قامت به الجماعة الإخوانية من استعراض القوة في تظاهراتهم برابعة العدوية لم يرهب الشعب المصري العظيم الذي تعاطف معهم سابقا كفصيل ظُلِمَ وقُهِرَ من طرف النظام السابق وصوت معهم في الانتخابات، لكن حينما أتيحت لهم الفرصة لحكم البلاد ظهروا على حقيقتهم وأخرجوا مخالبهم في وجه شعب مصر العظيم.

كادت مصر أن تكون في خطر حقيقي لو استمر حكم جماعة الإخوان الذين كانوا يمهدون للسيطرة على بلاد مصر وبالتالي الاستعداد للتدخل في الكويت والإمارات ودول الخليج والمنطقة عموماً.

جماعة الإخوان المسلمين تعتمد أساليب مختلفة للوصول إلى غايتها بحسب الأوضاع في كل دولة، فهم يشكلون خطورة حقيقية تتجلى انعكاساتها على الأمن والاستقرار في دول مجلس التعاون الخليجي؛ لكن تحرك سلطات الإمارات السريع والحازم أحبط المخطط في مهده.

كانت خطتهم بعد مصر هي نشر الثيوقراطية الإخوانية في الوطن العربي وجعل كل الدول لها مرجع وهو المرشد الإخواني، لهذا الغرض حركوا عملاءهم إلى الدول المجاورة، مثل دولة الإمارات التي أطاحت بعدد كبير منهم.

وخرج العميل عصام العريان( وهو اسم على مسمى) في مؤتمر صحفي قائلا: " المعتقلون المصريون" كيف هم معتقلون؟ هل سجنوا ظلماً؟ سجنوا لأنهم أرادوا تشكيل منظمات سرية هدفها إسقاط النظام الحاكم بدليل التسجيلات الصوتية التي كانت تتم بينهم.

 الإخوان المسلمون يلقون دروساً يومية في الثيوقراطية لقلب الحكم في مصر والوطن العربي، لكن هيهات فالشعب العربي المصري ومعه الشعوب العربية هم شعوب عريقة، مثقفة، موحدة، لا تفرق بين الأديان والمذاهب، وسوف تتغير الأحوال في مصر وتعود مصر آمنة مستقرة، وتعود السياحة والاقتصاد المصري إلى عهدهما السابق، وتعود الحياة طبيعية كما كانت او أحسن.

تحيا مصر ويحيا شعبها العظيم.

 

Email