ياسمين

منزوع الرجولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلال الخمس سنوات الماضية كان يجمعهما اللقاء اليومي العملي، تلاقت طموحاتهما وأمنياتهما، ورسما طريقاً لهما يصل بهما إلى بيت واحد، كان الحب يحتضنهما يومياً، يؤكد لها إخلاصه ووفاءه لها، كانت تحكي لي بعضاً من مواقفهما وما يدور في لقاءاتهما اليومية، فهو يتواصل معها هاتفياً مساء كل يوم عدا الجمعة، الذي يخصصه لزيارة عائلته، يصارحها بما في خاطره وما يراه في دنياه، تستمع له وتتناقش معه، وفي كل مرة يؤكد لها أن التغيير للأفضل طرأ على حياته منذ عرفها، فهي حضن دافئ لكل المشاعر، تتقبل صراحته التي لا يتقبلها الآخرون، توجد وقت ما يريدها، لم تتأخر عنه وعن الرد على اتصاله الهاتفي أو الرد على رسائله النصية، كان يرسل لها أعذب النغمات والألحان، ومقتطفات من أغان شاعرية تصف ما يربطهما من أحاسيس صادقة ومخلصة، وفي مرات كثيرة يتناولان وجبتي الإفطار والغداء معاً، ويتحدثان عن كل أمور العمل المشتركة بينهما، والرياضة التي تجمعهما، كان اللقاء يتكرر بشكل شبه يومي، يتبادلان المعلومات والأخبار على الدوام، لم تكن لقاءاتهما سرية وأيضاً العلاقة لم تكن علنية، أرادت أن يكون عام 2013 وتحديداً يوم ميلاده.. هو اليوم الذي يؤطر هذه العلاقة بإطار شرعي.. كان يؤكد أنه لا يملك في الدنيا غير أمنية واحدة وهي أن يكون معها بعيداً عن ضجة الناس..

وبدأت الرجولة تظهر على حقيقتها، فتبين لها أنه منزوع الرجولة أمام قرارات أهله، وتحديداً أخوه الأكبر، فهو لا يزيد على كونه ذكراً يحمل صفات الذكورة الظاهرية، لم يستطع أن يدافع عن حبه ولم يستطع أن يقنع والدته ووالده وأسرته بأنها المناسبة له، بل لا أحد يسمع له في العائلة بالرغم من أنه بلغ من العمر عتياً، لا يملك قراره كما لا يملك مصروفه، فمعظم راتبه يسلمه وهو في حالة خنوع بداية الشهر لوالدته، تخلى عن حبيبته وبدأ يسرد الأعذار الواهية ليبرر أسباب الابتعاد وأسباب القرارات، ولكن لن يتخلى شخص عن حبه وحبيبته، إلا لأنه منزوع الرجولة ـ فالرجولة مواقف تترجمها السلوكيات، والوفاء بالوعود.

Email