التقاعد

كان ولا يزال مخلصا في عمله ودؤوبا لأكثر من ثلاثين عاما، يعشق الذهاب الى العمل يوميا ويتطلع الى عمله بأنه جزء من حياته، ويرتعب من كلمة التقاعد وكأنه سيحرم من متعة الذهاب الى العمل ومن كنوز الأرض، وكأن راتبه سيتوقف وسيعتمد على راتب التقاعد ويقل دخله، وكان يعتبر التقاعد استغناء عن الخدمة.

أما آن الأوان أن تجلس مع زوجتك ورفيقة العمر الوقت الأطول، أما آن الأوان ان تهتم بالاستمتاع بحياتك، أن تذهب الى البحر لتستلقي وتعانق السماء والهواء والغيوم، وأن تحلق معها الى البعيد، أما آن الأوان أن تقوم بجولة في جميع أنحاء الدولة تستمع بالحدائق والمنتزهات ومراكز التسوق العالمية والحدائق المائية والإقامة ليلة او ليلتين في أفخر فنادق الدولة مع مناظر بديعة وخلابة، لماذا لا تفكر برحلة سفاري داخل الدولة وخارجها، اما آن الأوان أن تنفق على نفسك بعد رحلة عمل طويلة ودؤوبة؟.

لماذا ارتضيت أن تتمسك بالكرسي وتلتصق به وتحرم نفسك الحياة ومتعتها، قد أعطيت الكثير، أما آن الأوان أن تأخذ القليل؟ هل ستقضي البقية الباقية من حياتك في تنازلات وإرضاء الآخرين وجبر خواطرهم والمزيد من التضحيات؟ أما آن الأوان لتقف مع نفسك وهلة؟

 فقد يحين وقت الرحيل عندما تقرر أن تلتفت لحياتك، بالتأكيد أنت تمتلك الكثير من المهارات والطاقات، التقاعد أيضا فرصة للعطاء وتستطيع أن تسطر تجربة حياتك العملية للأجيال المستقبلية، وتستطيع ان تعطي وطنك وتمارس واجبات وأعمال وأنشطة تطوعية بمحض إرادتك وحسب المتاح من وقتك الخاص، وتستطيع أن تترجم الكثير من مواهبك الشعرية والكتابية والفنية أو أن تعود وتشرف على مزرعتك الصغيرة التي أهملتها منذ سنوات، وقد يكون هذا الوقت المناسب لتكون الأقرب إلى ولدك وابنتك أو أحفادك، أو تكون الأقرب الى والدك ووالدتك وتجديد الأنشطة الاجتماعية.

فكر بأن التقاعد مكافأة الحياة لك لتستمع بها أكثر فلا ترفضها ولا تلفظها، التقاعد أسلوب حياة مختلف قد لا تكون متعودا عليه ولكن به الكثير من الحسنات والإيجابيات وفرص الراحة والاسترخاء والهدوء، وقد يكون مرحلة ابداعية جديدة في مسيرة حياتك.