تتويج للندية والاحترام

ت + ت - الحجم الطبيعي

ربما تكفي مراسم الاستقبال الملوكي البهي التي جرت في مستهل زيارة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة لبريطانيا مدخلاً لقراءة النتائج المرتقبة لهذه الزيارة الاستثنائية، فقد تجاوزت الحفاوة أسوار قلعة وندسور والأطر الرسمية إلى ملامح شعبية، مما يعكس حميمية العلاقات الثنائية.

وهناك مرتكزان أساسيان كفيلان بضخ مزيد من المصالح المتبادلة بين الإمارات وبريطانيا نحو تكريس شراكة استراتيجية أكثر عمقاً وتناغماً بين الجانبين عبر زيارة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد الحالية للندن.

فالنتائج المرتقبة للزيارة الاستثنائية تستند إلى إرث تاريخي عميق بين الجانبين ووشائج تفاهم بين أقطاب الحكم في البلدين. فهذه الزيارة الأولى التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بصفته رئيس الدولة إلى بريطانيا، غير أنه معروف كرجل دولة لدى الأسرة المالكة والطبقة السياسية في لندن.

فقد زار سموه بريطانيا وهو ولي للعهد مرتين، الأولى في العام 1989 والثانية في 2003. والتقى خلال الزيارتين الملكة اليزابيث الثانية وولي عهدها الأمير تشارلز، وأجرى محادثات مع رئيسة الوزراء الراحلة مارغريت تاتشر في الأولى ثم توني بلير في الثانية، كما استقبل رئيس الوزراء البريطاني الحالي ديفيد كاميرون، الذي كانت الإمارات وجهته الرسمية الأولى عقب توليه مهامه في 10 داونينغ ستريت.

وأكثر ما يميز العلاقات الإماراتية البريطانية أنها لا تجري في اتجاه واحد، ومن ثم فإنها تبرأ من أعراض الإملاء، كما أنها لا تنحصر في ميدان واحد، وهكذا فإنها تنجو من نوبات التقلبات، فالعلاقات بين البلدين تتدفق في اتجاهين متوازيين على مستوى الندية والاحترام.

وتشمل جهات التعاون الثنائي ميادين التجارة والاستثمار والتعليم والتدريب والسياحة والثقافة، إضافة إلى التعاون العسكري. فكما توجد شركات ورجال أعمال بريطانيون في الإمارات تنهض شركات واستثمارات إماراتية بدور حيوي في أسواق بريطانيا. وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الطرفين 61 مليار درهم العام الأخير. فهنا يعيش أكثر من 100 ألف مواطن بريطاني وأكثر من 4000 شركة، وهناك نحو 1500 مواطن إماراتي في مؤسسات التعليم وعدد من الاستثمارات في مشروعات بريطانية عملاقة.

كما تتسم المواقف الثنائية في فضاء السياسة الخارجية بالانسجام والتنسيق إزاء القضايا الساخنة، سواء على صعيد المنطقة أو على مستوى المعمورة، بما يعزز الاستقرار والسلم العالميين، ويشمل الجهد المشترك محاور عدة بدءاً من مكافحة الأمية والفقر، مروراً بالحرب ضد خلايا الإرهاب وبؤر الفكر المتطرف، وانتهاء بتأمين سلامة الملاحة في المياه الإقليمية واستدامتها.

Email