أميركا وإصلاح نظام الهجرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ولدت عام 1946، أي العام الذي بدأت فيه موجة الطفرة الإنجابية. وقد ولد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في ذلك العام أيضاً، وكذلك الأمر بالنسبة لخليفته جورج بوش، ولورا بوش أيضاً، وفي العام التالي، ولدت هيلاري رودهام. وأيضاً في عام 1946، ولدت المغنية شير (كلما بدأت أشعر بكبر سني، أذكر نفسي بأنها أكبر مني بقليل).

لماذا بدأ العديد منا يأتون إلى العالم في عام 1946؟ لقد أعطى علماء الديمغرافيا هذه المسألة قدراً كبيراً من الاهتمام، ولكنها ليست بهذا التعقيد. فقد كان والدي، على سبيل المثال، في الحرب العالمية الثانية، وكذلك الأمر بالنسبة للعديد من آباء غيري من أوائل أبناء جيل الطفرة الإنجابية. وعاد إد رايش إلى وطنه من الحرب، كما فعلوا، وكانت أمي في انتظاره.. أفهمتم ما أعنيه؟

وإجمالاً، فقد ولد أكثر من 76 مليون أميركي بين عامي 1946 و1964.. أكبر موجة ديمغرافية في التاريخ الأميركي.

لنضغط زر التقديم السريع.. لقد خطط معظمنا، أوائل أبناء جيل الطفرة الإنجابية، للتقاعد في وقت قريب من الوقت الحالي، فيما أمل أبناء جيل الطفرة الإنجابية الذين تلونا، أن يتقاعدوا في غضون بضع سنوات من الآن، إلا أن هذه الخطط تعرقلت. وذلك، أولاً، لأن أجور أبناء جيل الطفرة الإنجابية لم ترتفع بالسرعة التي توقعناها. وفي الواقع، فإن متوسط الأجور، على مدى السنوات الـ30 الماضية، تغير بالكاد، مع أخذ التضخم بعين الاعتبار.

 ونتيجة لذلك، فقد عجز معظمنا عن ادخار ما كان يأمل في ادخاره، ثم خفض أرباب العمل معاشاتنا التقاعدية. وعوضاً عن المزايا الشهرية المتوقعة التي حصل عليها العديد من آبائنا عند التقاعد، فقد تلقينا خطط «المساهمة المحددة»، أي معاشات «اعتمد على نفسك». وفي البداية، عرض بعض أرباب العمل مضاهاة ما ادخرناه، ولكن محاولات المضاهاة تلك تراجعت غالباً إلى نقطة التلاشي.

ومع ذلك، فقد علقنا آمالنا على منازلنا التي كانت أسعارها آخذة في الارتفاع، وافترضنا أنها ستوفر لنا مبلغاً متواضعاً من المال، عندما نبيعها ونشتري منازل أصغر للتقاعد، غير أن فقاعة الإسكان انفجرت بعد ذلك. وفي الأثناء، خسر كل ما تمكنا من ادخاره سنوات من القيمة في سوق الأسهم.

وافترضنا أننا سنحظى، على الأقل، ببرنامجي «الضمان الاجتماعي» و«ميدي كير»، إذ كنا، في نهاية المطاف، قد دفعنا ثمن البرنامجين على امتداد سنوات. ومع ذلك، فإن كلا البرنامجين مراقب من قبل صقور العجز، الذين يقولون إن الوسيلة الوحيدة لتجنب معاناة الميزانية من عجوزات هائلة لا يمكن تحملها خلال السنوات المقبلة، هي تحجيم هذه البرامج.

فهل يعني هذا هلاك جيل الطفرة الإنجابية؟ ليس بالضرورة. ومن الحلول الممكنة، والتي لم تطرح بعد، لشيخوخة أميركا: زيادة عدد المهاجرين الشرعيين القادمين إلى أميركا.

وأحد أبرز أسباب المشكلات التي يعاني منها برنامجا «الضمان الاجتماعي» و«ميدي كير»، هو أن أميركا تشيخ بسرعة. ولا يرجع ذلك فقط لحقيقة أن الكثير من أبناء جيل الطفرة الإنجابية يخططون للتقاعد، وأن أجسادهم سوف تضعف، ولكن أيضاً لحقيقة أن كبار السن يعيشون لفترة أطول، وأن الأسر الأميركية تنجب عدداً أقل من الأطفال.

قم بالحسابات اللازمة، وستجد أن نسبة الأميركيين العاملين إلى نظرائهم المتقاعدين تستمر في التقلص. فقبل أربعين عاماً، كان هناك خمسة عمال لكل متقاعد، والآن هناك ما يزيد قليلاً على ثلاثة عمال. وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإنه يتوقع لنسبة الأميركيين العاملين إلى المتقاعدين ألا تزيد بحلول عام 2025، على اثنين إلى واحد. ويستحيل أن يكون عاملان فقط قادران أو مستعدان لدفع ما يكفي من ضرائب الدخل، للحفاظ على تدفق المزايا إلى كل متقاعد.

وهنا يأتي دور الهجرة، إذ ينتمي معظم المهاجرين إلى فئة الشباب، لأن البلدان الفقيرة التي يأتون منها تتناقض ديمغرافيا مع البلدان الغنية. وبدلاً من كبار السن، فإن شعوب تلك البلدان تطفح بالشباب.

نعم، أدرك أنه لا يوجد حالياً ما يكفي من الوظائف، حتى بالنسبة للأميركيين الذين يريدونها ويحتاجون إليها، ولكن بمجرد أن يتعافى الاقتصاد الأميركي، فإن عدد الوظائف سيصبح كافياً. ألق نظرة طويلة الأجل، وستجد أن معظم المهاجرين الجدد إلى الولايات المتحدة سوف يعملون لعقود عدة. ويشكل العمال المولودون في الخارج 15% من القوى العاملة في أميركا، ووفقاً لمعدل الهجرة الحالي.

فإنه يتوقع للمهاجرين وأبنائهم أن يسهموا، بين الآن وعام 2050، في الشق الأكبر من نمو الأميركيين الذين لم تتجاوز أعمارهم 65 سنة. وفي حين أن إصلاح نظام الهجرة أدرج بالفعل في الأجندة الوطنية، فإننا لم نركز إلا على جانب واحد منه، وهو كيفية التعامل مع العمال غير الشرعيين.

إننا بحاجة إلى التفكير بشكل أوسع، والربط بين النقاط. وأحد السبل المنطقية للمساعدة على مواجهة التحدي المتمثل في تمويل برنامجي «الضمان الاجتماعي» و«ميدي كير»، هو زيادة نسبة العمال إلى المتقاعدين. وأبسط طريقة لفعل ذلك، هي السماح بدخول مزيد من المهاجرين إلى الولايات المتحدة.

 

Email