تقوم الدولة بتأدية مهامها عن طريق أشخاص طبيعيين هم "الموظفون العامون"، وترتبط معهم لهذا الغرض بعلاقة قانونية خاصة، ينظمها ويحدد واجباتها ومسؤولياتها فرع من فروع القانون يسمى "القانون الإداري"، الذي ينظم فكرة المرفق العام والوظيفة العامة والموظف العام، وينظم الحقوق والواجبات المرتبة على الدولة والموظف والمتعاقدين معها.

وحدد فقهاء القانون الإداري عناصر المركز القانوني للموظف، حيث عرفوه بأنه شخص طبيعي تكلفه الدولة بإحدى وظائفها الدائمة، ولم يختلف تعريف قانون الموارد البشرية لحكومة دبي رقم 27 لسنة 2006 عن التعريف الفقهي للموظف في القانون الإداري، حيث عرفته المادة رقم 2 بأنه من يشغل إحدى الوظائف الواردة في موازنة الدائرة، ولا تكون الوظيفة مدرجة في موازنة الدائرة إلا إذا كانت وظيفة دائمة تقوم بها الدولة وتخصص لها مبلغاً محدداً في الموازنة السنوية.

وقد وصف الفقه الوظيفة الدائمة بأنها الوظيفة التي يتوفر فيها شرطان اثنان، الأول هو ورودها في موازنة الدولة، والثاني هو ارتباطها بحاجة عامة لا يمكن أن تنتهي الدولة من إشباعها، كالقضاء والأمن وتنظيم وبناء الطرق والجسور وتشغيل الموانئ والمطارات.

ونص القانون في المادة رقم 33 على جواز تعيين الموظف بعقد مؤقت لمدة تقل عن سنة غير قابلة للتمديد، على أن يستحق راتبا شهرياً مقطوعاً يتلاءم مع الدرجة الوظيفية التي يشغلها وساعات العمل المكلف بها، دون أن يستحق أية امتيازات أخرى يتمتع بها الموظف غير المؤقت. وأكمل القانون تنظيم التعيين بعقد مؤقت في المادة رقم 34، التي نصت على جواز تعيين شاغل الوظيفة المؤقتة في وظيفة دائمة، شريطة أن تتناسب مع مؤهلاته وخبراته، وتحتسب مدة خدمته من تاريخ تعيينه في الوظيفة بصورة دائمة.

وعند تحليل هذا النص نجد أن القانون كلف الإدارة بتعيين الموظف المؤقت في إحدى درجات الوظيفة الواردة في موازنة الدائرة، وبالتالي انطبقت عليه صفة الديمومة المشترطة في وظيفته، وعليه أصبح موظفاً عاماً يجب أن يكون له وصف وظيفي محدد ومسؤوليات واضحة، ويلتزم بكافة واجبات الموظف العام، ويعتبر قرار التعيين دون تحديد الوصف الوظيفي والمسؤوليات المتعلقة بالوظيفة، قراراً خاطئاً على الإدارة سحبه وتعديله.

كما أجد في المادة 34 أن الوصف لم يكن دقيقاً عند استعمال عبارة "وظيفة دائمة"، في النص "يجوز للدائرة تعيين شاغل الوظيفة المؤقتة في وظيفة دائمة.."، لأن هذه العبارة تنفي ما استقر عليه القانون في المادة 2 والمادة 33 من إعطاء الوظيفة التي يشغلها الموظف المؤقت صفة الديمومة.

فكأن وظيفته لم تصبح دائمة إلا بعد تغير عقده من عقد مؤقت إلى عقد دائم، وكان من الأفضل لو أعاد المشرع صياغة المادة كالتالي "يجوز للدائرة تغيير عقد الموظف الموقت إلى عقد توظيف بدوام كامل.."، لأن العقد هو المؤقت وليست الوظيفة، والموظف يتحول من عقد مؤقت إلى عقد غير مؤقت، أما الوظيفة فهي دائمة سواء عين لها موظف دائم أو مؤقت.

كما أتمنى عند إعادة صياغة هذه المادة أن يتم التوازن بين حقوق ومسؤوليات الموظف المؤقت، وذلك عن طريق احتساب مدة عمله بالعقد المؤقت من ضمن مدة خدمته في الجهات الحكومية، وإعطائه الحق في الحصول على الإجازة المرضية والمكافآت التي قد ترغب الدائرة في صرفها له مكافأة على إبداعاته أو تميزه في العمل، وذلك تحقيقاً لمبدأ العدالة وأسوة بالمشرع الاتحادي الذي أعطاه كثيراً من الحقوق في المادتين 13 و14 من قرار مجلس الوزراء رقم 13 لسنة 2010، بشأن اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون اتحادي رقم 11 لسنة 2010 بشأن الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية.

وختاماً أود الإشارة إلى أن عقد التوظيف المؤقت وسيلة استثنائية للتوظيف، والأصل هو عقد التوظيف الدائم، والاستثناء لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه.

وينبغي أن لا تستخدم هذه الوسيلة إلا بقدر الحاجة إليها وضمن مستويات وظيفية بسيطة، كتعيين موظف مؤقت في وظيفة موظف البدالة أو الاستقبال أو مراكز الاتصال، لسد حاجة طارئة بسبب الغياب أو الانقطاع المفاجئ للموظف الدائم في هذه الوظيفة، لأن التوسع في هذا النوع من التوظيف يؤثر على الولاء الوظيفي للدائرة التي يعمل فيها الموظفون بصفة مؤقتة، ويشكل خطراً على سرية عمل الدائرة الحكومية، كما يهدر جهد زملائهم الموظفين بعقود دائمة في تدريبهم.