"لا شيء يسعدني أكثر من رؤية المرأة وهي تأخذ دورها المتميز في المجتمع، ويجب أن لا يعيق تقدمها شيء".. من أقوال المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

اهتمت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها، بتنمية وتطوير المرأة ودورها في مختلف المجالات، وذلك لدرايتها بدور المرأة الفاعل في المجتمع، فقامت بإنشاء المدارس والجامعات والمؤسسات الخاصة بها، ليتوازى تطور المرأة ونهضتها مع التنمية التي انتظمت في البلاد بعد قيام الاتحاد. وساعد على ذلك قيام الدولة بإعطاء المرأة حقوقا متساوية مع الرجل في مجال التعليم، الصحة، العمل... إلخ.

عولت الحكومة كثيراً على الجامعات والكليات النسوية المتخصصة، ورأت أنها يمكن أن تساهم في نهضة المرأة وتطورها. فبفضل هذه المؤسسات، مثل كليات التقنية للبنات، تخرجت كوادر نسوية مؤهلة تأهيلاً عالياً متناعماً مع توافر الطموح والإرادة للعمل والإنجاز، فكانت النتيجة دخول المرأة للحياة العملية في القطاعين العام والخاص وتقلدها لمختلف الوظائف والمناصب.

فعلى سبيل المثال، فإن دور النساء في القطاع الحكومي اليوم يزيد على 40٪، وكان أول تعيين للمرأة في المناصب الوزارية من نصيب الشيخة لبنى القاسمي في العام 2004، ومن ثم تواصلت الجهود من جميع الجهات لولوج المرأة للمجلس الوطني، وخاصة من قبل سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، وكانت النتيجة انتخاب أمل القيسي في العام 2006 لتصبح أول امرأة إماراتية منتخبة كعضو في المجلس الوطني الاتحادي.

وإذا نظرنا إلى واقع تعليم المرأة اليوم في الإمارات، نراها تفوقت على الرجال في الاهتمام بالتعليم والسعي لتحصيله، وكانت النتيجة أن أعدادها في مؤسسات التعليم العام والعالي قد فاقت أعداد الطلاب الرجال. وربما يعزى ذلك لأسباب كثيرة، منها تطور الوعي المجتمعي في ما يتعلق بتعليم وعمل المرأة.

وسعي المرأة الجاد لإثبات ذاتها والحصول على الاستقلالية المادية والمعنوية، من خلال تحصيل العلم وتجويده ومن ثم العمل. فالمرأة تدرك تماماً أن تحصيل العلم يفتح لها آفاقا أرحب، ربما لم تكن متاحة في الماضي.

ويذكر هنا أنه رغم العدد الكبير لخريجات الجامعات، إلا أنهن يتركزن في مجالات معينة بأعداد كبيرة، مثل معلمات المدارس والموظفات الإداريات وغيرها. ونظرا لمحدودية هذه الوظائف، ربما تفضل بعض الخريجات البقاء في المنازل بدلاً من العمل في قطاعات أخرى كالتمريض مثلا.

وربما أثر هذا التفضيل للوظائف الإدارية الحكومية والعمل كمعلمات ومشرفات في المدارس، على طبيعة اختيار التخصص الدراسي من قبل الطالبات. وفي هذا الخصوص يمكن أن تتركز الجهود المستقبلية في تعليم المرأة، في توجيه وإرشاد الطالبات في اختيار التخصص الدقيق بما يتناسب وحاجات سوق العمل في الدولة، حتى يحدث التوازن المطلوب بين أعداد الخريجات وفرص العمل المتاحة، خاصة وأن المجتمع الإماراتي كما هو الحال في سائر المجتمعات العربية، أكثر تفهماً وتقبلاً لعمل المرأة.

من ناحية أخرى، أدى ولوج المرأة المتعلمة إلى مجالات العمل المختلفة، إلى ظهور قيادات نسائية فاعلة متسلحة بالعلم والمعرفة والخبرة. ففي دراسة حديثة مولتها الجامعة البريطانية في دبي، تم التأكيد على أن نساء الإمارات ينظرن إلى الإسلام على أنه يشجع ويمكن المرأة، ويعضد دورها القيادي في تطوير البنية الاجتماعية والاقتصادية للدولة (سليمان وحياة 2011).

عرضت الدراسة المذكورة نموذجين للقيادات النسائية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهما سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك والشيخة لبنى القاسمي، وتطرقت الدراسة إلى دورهما الفاعل في دعم وتشجيع وتمكين المرأة ومساواتها بالرجل. بالإضافة إلى أن القيادات والنساء بشكل عام، ينظرن إليهما كأمثلة حية في الموازنة بين عادات وتقاليد المجتمع الإماراتي المحافظ ومتطلبات الحياة العصرية.