قوة رد الجميل إلى المجتمع

ت + ت - الحجم الطبيعي

في «هافنغتون بوست» حاولنا دائماً أن نكون أكثر من مجرد مصدر للأخبار والمعلومات، أردنا أيضاً أن نكون محفزاً للناس للانخراط في الشأن العام. ولذلك عملنا للدمج بين الصحافة الالكترونية وقوة مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال نقل مستخدمينا إلى ما وراء قراءة القصص الإخبارية عن مجتمعاتهم والعالم، وتزويدهم بوسائل للمشاركة الفاعلة في تلك القصص، ولهذا أطلقنا «هافبوست إمباكت» في أكتوبر ‬2009. وكما كتبت في حينها، فلقد كانت تلك فكرة قديمة طالما سعيت لتحقيقها بشكل أو بآخر، منذ أكثر من ‬15 عاماً. وفي أوائل التسعينات، أذكر كيف رحت أجوب واشنطن للترويج لفكرة إيجاد «سي سبان ‬3»، لتكون محطة مكرسة على مدار الساعة لعمل المؤسسات غير الربحية وأنشطة رد الجميل للمجتمع.

تصورت حينها سيناريو يتمكن فيه الناس من الوصول إلى المادة الإعلامية التي يريدونها، في أي وقت ليلاً أو نهاراً، لمشاهدة البرامج التي حركتهم وألهمتهم للتحرك. كان ذلك قبل أن أدرك قوة المشاركة الجماهيرية الفعالة على مدار الساعة، والتي أصبحت متاحة بفضل الانترنت، حيث أصبح بإمكاننا بنقرة واحدة على رابط الكتروني واحد، ليس فقط أن نعرف كل شيء عن قضية ما، بل أن نتحرك بشكل فعال بشأنها أيضاً.. والتأثير فيها.

ولهذا أيضاً، قررنا مع «أميركا أون لاين» إطلاق أول أسبوع رسمي لمجموعة هافنغتون بوست الإعلامية، بتحدي «خدمة الثلاثين يوماً» إلى جميع موظفي «أميركا أون لاين» وهافنغتون بوست في أنحاء العالم، مشجعين إياهم أن يجدوا طرقاً للمساهمة في رد الجميل لمجتمعاتهم المحلية. وابتداءً من هذا الأسبوع سيقوم هؤلاء بأعمال تطوعية لصالح مجتمعاتهم؛ من تحضير الطعام للعوائل والأفراد المحتاجين، إلى الترفيه عن المسنين المقيمين في دور الرعاية. وإضافة إلى ذلك، فقد بدأنا في كل أقسام موقعنا، بنشر قصص صحافية عن المنظمات والأفراد الذين يتحركون لمساعدة الآخرين، بما في ذلك صفحتنا الخاصة التي تعرض للطرق المتاحة لدعم جهود الإغاثة في اليابان.

وعلى سبيل المثال، فإن قسم الشؤون الدولية في موقعنا، يسلط الضوء اليوم على منظمة «هايفر إنترناشيونال» التي تعمل للتخفيف من وطأة الجوع في أنحاء العالم، عن طريق التبرع برؤوس الماشية للأسر المحتاجة. وتتمثل فكرة نشاط هذه المؤسسة، في أنك عندما تعطي عنزة أو بقرة أو غيرها إلى عائلة فقيرة، فإن العائلة لن تحصل بذلك على الغذاء فقط، بل على مصدر دخل من إنتاج الحليب أو الصوف أو البيض أو غيرها من المنتجات، على أن تقوم بعد ذلك كل عائلة مستفيدة من البرنامج بالتبرع بنسل ماشيتهم إلى عائلة فقيرة أخرى، وهكذا يتضاعف تأثير كل تبرع تقوم به المنظمة بشكل تراكمي.

كما يقوم قسم الصحة في الموقع بتغطية برنامج يدعى «الشراكة في رعاية العائلة»، والذي يقدم الدعم للأمهات الحديثات متدنيات الدخل في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، فيما ركزت صفحة المال والأعمال في الموقع على قصة عمران فاروق، وهو طالب دراسات عليا في السادسة والعشرين من عمره، طور نموذجاً واعداً لكيف يمكن للأحياء السكنية أن تعمل سوياً لمقاومة إجراءات مصادرة العقارات المرهونة، التي يقصر أصحابها في سداد فوائد قروضهم العقارية، وبالتالي إيقاف تدهور قيمة العقارات. من ناحيتها تنشر صفحة الفنون في موقعنا، موضوعاً خاصاً عن مؤسسة «بي إس آرتس»، التي تجمع التبرعات لتمويل برامج التعليم الفني في المدارس العامة التي تعاني من شح الموارد المالية.

أما صفحة البيئة في الموقع، فتسلط الضوء على منظمة «غرين فور أول» التي تهدف لإيجاد فرص العمل والمساعدة في تحسين حياة الناس، عن طريق بناء اقتصاد قائم على الطاقة النظيفة. إن المشاركة والتكاتف الاجتماعي مهمان، وبشكل خاص خلال أوقات الشدائد. بوسعنا أن نختار عزل أنفسنا، وأن نرفض رؤية ما يدور من حولنا، لكن بوسعنا أيضاً اختيار التواصل والانخراط مع الآخرين. وعندما نختار أن نمد يد التواصل، فإن المستفيد ليس فقط الشخص أو المجتمع الذي نساعده، وإنما نحن أيضاً.

ويلقى هذا المفهوم تبنياً متزايداً من قبل الشركات، ونأمل أن نتمكن من تعزيز هذا التبني، ولهذا فأنا مسرورة بالإعلان أن بيز ستون، المدير الإبداعي وأحد مؤسسي «تويتر»، سينضم إلينا كمستشار استراتيجي للتأثير الاجتماعي. وبموجب هذا الدور، سيقدم توصياته الاستشارية إلى مجموعة هافنغتون بوست الإعلامية وأميركا أون لاين، حول التأثيرات الاجتماعية لمبادرات القضايا العامة، والسبل المثلى لتطوير صيغة تسهل قيام الناس برد الجميل لمجتمعاتهم المحلية، وحشد دعم الشركات الأخرى للاستثمار ونشر أفضل ممارساتها المهنية، وإنتاج سلسلة أفلام قصيرة تسلط الضوء على الشركات والمدراء الرواد في ميدان العمل الخيري. ولقد سبق لستون أن أثبت أنه من الممكن أن يحقق المرء أداءً متميزاً على المستويين المادي والأخلاقي في آن معاً. ولهذا قام الموقع بتكريمه مع زوجته ليفيا ستون، الناشطة في ميدان حماية الحياة البرية.

وكما يقول ستون، فإن «تعريفنا لمفهوم النجاح يتغير عندما نبدأ بإدراك قيمة مساعدة الآخرين. هدفي من التحالف مع أميركا أون لاين ومجموعة هافنغتون بوست الإعلامية، ينطوي على قدر كبير من الطموح والأهمية، إذ سنعمل معاً على تحفيز الشركات للتفكير بطرق جديدة للقيام بالأعمال، وتبادل أفضل الممارسات والسعي للتغيير الإيجابي على كل الأصعدة؛ من الصعيد المحلي إلى الصعيد العالمي».

أملنا أن يتسع هذا النشاط الاجتماعي البناء، وأن يتعزز من أجل تسخير قوة الصحافة الالكترونية لمساعدة الناس على الانخراط والعمل معاً لجلب التغيير الحقيقي.

 

Email