حالة البدون في دول الخليج (‬2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

كما أشرت في مقال سابق بنفس العنوان، فإن تسمية البدون تسمية غير لائقة، ولكننا نأخذ بالشائع، حيث أصبحت هذه التسمية سمة لمن يعيشون في بلد، ولا يحملون جنسية ذلك البلد، أي أنهم من دون جنسية.. أي أنهم محرومون من حقوقهم كبشر، في الوقت الذي هو من حقهم الحصول على هذه الجنسية، كما تنص عليها المواثيق الدولية، ومبادئ حقوق الإنسان.. وكل دولة يعيش فيها مجموعة من الناس «على الهامش»، أي مهمشون من دون وجه حق، فإن أمر هذه الدولة لن يكون على ما يرام في المستقبل.

وإذا أغضضنا الطرف عن جيل الآباء من هؤلاء البدون، الذين جاءوا منذ عشرين أو ثلاثين سنة أو ما يقارب ذلك، وأوكلنا أمرهم إلى الأيام، وقلنا ان الأيام ستأتي لهؤلاء بالحلول، وأتمنى أن لا تكون هذه الأيام بعيدة.. فماذا يكون الموقف بالنسبة لأبناء هؤلاء البدون، الذين ولدوا ونشأوا على أرض هذه الدولة، أو أية دولة خليجية أخرى..؟! أليس من يولد على أرض يكون من حقه أن ينتمي إلى تلك الأرض..؟!

لقد خبرت بعض هؤلاء الأبناء فوجدتهم لا يقلون في مشاعرهم، وفي لغتهم وهواياتهم وسلوكياتهم، عن أي مواطن آخر.. وليس من المنصوح به تجاهل هؤلاء الشباب الذين يشكلون فئة كبيرة، بل ينبغي إدماج هؤلاء من غير تأخير، ضمن الفئات المستحقة للتجنيس، وإعطاؤهم كل ما للمواطن العادي من حق، حتى لا يعم الشعور بالغضاضة، وبالتالي بالضغائن والأحقاد على المجتمع، ويتحيَّن هذا المغبون الفرص للقيام بأفعال لا تحمد عقباها.

وعندي أن يوضع على رأس هؤلاء المستحقين، أبناء المواطنات ذكوراً وإناثاً.. تلكم المواطنات اللاتي شاءت ظروفهن أن يتزوجن من غير المواطنين أو من البدون، ومن الظلم الواضح أن يُحرم هؤلاء من جنسية أمهاتهم.. وفي اعتقادي أن ابن المواطنة لا يقل التصاقاً بتراب أرضه عن ابن المواطن.

وطالما نتحدث عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل في كل المجالات، فليس من الإنصاف أن يعتبر أبناء المواطنات غير مواطنين لمجرد انتمائهم لآباء غير مواطنين.. وأي قانون أو تشريع لا يساوي بين أبناء المواطن والمواطنة، فإنه قانون غير ملائم ولا يتماشى مع العدالة الاجتماعية، ناهيك عن مخالفته للتشريعات في الدول المتقدمة.. بالإضافة إلى أن القانون الخاص بالجنسية في الدولة مضت عليه عقود من الزمن، ويحتاج برمته إلى إعادة النظر فيه، وإزالة الشوائب منه، ومن هذه الشوائب عدم مساواة أبناء المواطنة بأبناء المواطن.

ومن المهم، والمهم جداً، أن نختبر المتقدم بطلب الجنسية، ونتأكد من ولائه التام للدولة، ولاءً لا يشوبه أي ريب، ولا تدفعه المصلحة الشخصية.. وإذا تأكدنا من ذلك، فعندي أن مثل هذا الشخص أفضل بكثير من مُدعي العراقة، والذين يوالون الفئوية والانتمائية أكثر من ولائهم للوطن والأمة والمجتمع المدني، الذي يعيشون بين ظهرانيه.

 

Email