سوريا تجمع الأصدقاء الأعداء!

ت + ت - الحجم الطبيعي

    سوريا ستكون منطلق اتفاقات ومضاربات عبر العديد من الحكومات، ولو قبلنا بقول «روبرت فيسك» في مقالة له في «الاندبندنت» البريطانية عن مباحثات سرية بين النظام والجيش الحر، وطرح نقاط توافق قابلة لحلحلة الأزمة، فإن ذلك يأتي في إطار داخلي أدى إلى يأس طرفيْ الحرب من حسم القضية، وأنهما في مواجهة جديدة مع خلايا التطرف الإسلامي التي بدأت تشكيلاتها تأخذ حجم القوة، وحتى لو افترضنا أن بعضها مؤيد سرياً للنظام ويعمل في نطاقه، فإن تلك العناصر غالباً ما تأخذ مبدأ الوجوه المتعددة، بحيث تعلن عن الهدف العام، وتخفي الهدف الاستراتيجي الأعلى، وهنا فإن الجيشين في مواجهة، وإن لم تتحدد مع تلك الجماعات، فإنها قادمة وفق الظروف القائمة..

مؤتمر جنيف (2) قد ينعقد موسعاً ليكون جميع أصحاب التماس مع الوضع السوري في مواجهة بعضهم، ولو حدث أن اشتركت دول الخليج العربي، وإيران، فإن فرضيات التباعد أكثر من التقارب، لأن سورية جزء من مشكلة بينهما، فهناك الأطماع المعلنة من قبل إيران بما تسميه خليجها الفارسي، ودعمها الحوثيين، ومبدأ تصدير الثورة القائم كجزء من عقيدة النظام، وموّال حزب الله الذي أصبح أداتها السرية في تنفيذ الاغتيالات، والتدخل في الشأن السوري، وقوائم أخرى لا يمكن حصرها، ثم يأتي موضوع ما سمي بالتحالف الخليجي - المصري بعد إنهاء نظام الإخوان أمام ما يشبه بلقاء الأضداد ليكون هناك تحالف مضاد أمريكي - إسرائيلي، إيراني - تركي، وقابلية الصدام في الحالة السورية ستفسر بأنها على الكليات وليس على الجزئيات، وهذا بدوره سيجعل القبول بحلول وسط معقدة، وتحتاج إلى اختبارات نوايا تُبنى عليها الثقة والتعامل بندية بين هذه الأطراف، ولا ننسى أن روسيا لم تعد موضع اطمئنان من قبل الدول العربية، لأنها كشفت عن صورة أخرى مغايرة، فلم يعد يهمها مئات الآلاف من الضحايا وملايين المهجرين السوريين إذا كانت غاياتها ستتحقق بوضعها بنفس الندية مع أمريكا..

وبلا شك فإن هناك اتفاقاً أقيم خلف ظهر معظم الدول العربية، وربما إيران وتركيا في الصفقة السورية - الأمريكية - الروسية، وأن عملية تجميع من لهم علاقة بوضعها في أي مؤتمر ستكون مجرد حالة تجميلية، لكن هناك من يقول إنها بلا فعل واقعي في الداخل السوري، ولا يمكن حسمه إلا باتفاق كل الأطراف، والتي تأكد من خلال العامين والنصف أن لكل جهة قوتها التي توظفها، وبنسب تختلف من دولة لأخرى، أو مجموعة دول..

إيران ستحضر هذه المرة باعتبارها جزءاً مهماً من الدول الداعمة لسورية النظام لكنها تشعر أمام حالتها المادية أن دمشق أصبحت عبئاً لا تستطيع تحمله لسنوات طويلة، وقد تقبل بتنازلات تجبَر عليها، والأمر المهم أن تقارب روحاني مع أوباما ورغبتهما في إنهاء جميع الخلافات وحسمها بما يجعل إيران تقبل بتنازلات حول مشروعها النووي، سيصطدم بمخاوف أوباما من الموقف الإسرائيلي، وحتى لو اعتبرنا أنه تحرّر من مرحلة التجديد لانتخابه، فإن بقية هذه المرحلة، وهي حساسة، تقف أمام تعقيدات سياسية واقتصادية، ولو جرت المفاضلة بين إيران وإسرائيل فإن أوباما سيُجبر على الانحياز للأخيرة، ولكنه قد يصل إلى خلق أجواء مصالحة تنتهي بالتنازلات من قبلهما معاً، لكن ستبقى سورية ضلع المثلث ومنه إما ستُبنى سياسة جديدة، أو حرب المئة عام القادمة..
 

Email