الحد الأدني للأجور‏..‏ تساؤلات مشروعة‏!‏

ت + ت - الحجم الطبيعي

 ربما بدا للبعض أن تأجيل اتخاذ القرار فيما يتعلق بالحد الأدني للأجور قد يضايق الموظفين والعاملين بالدولة وبالقطاع الخاص, غير أن القراءة المتأنية لموضوع الحدين الأدني والأقصي للأجور هذا ستقول لنا إن هذا هو القرار المناسب. إن المطلوب في اتخاذ أي قرار أن تتم دراسته دراسة متأنية, تأخذ في اعتبارها كل تفاصيل الموقف الذي نحن بصدد اتخاذ القرار بشأنه.

فلو ذهبنا إلي موضوع الحدين الأدني والأقصي للأجور, لوجدنا أن أسئلة كثيرة يجب الإجابة عليها قبل التعجيل بتقرير شيء لا نستطيع انجازه. وعلي رأس هذه الأسئلة سؤال ضخم هو: ومن أين سيأتي القطاع الخاص بالتمويل اللازم لدفع تكلفة رفع الحد الأدني؟

 إن المصانع تشكو من عدم الإقبال علي منتجاتها بسبب الأحوال الاقتصادية المتردية, كما أن أصحاب هذه المصانع يشتكون مر الشكوي في أن الاضطراب الأمني والسياسي قد أضرا كثيرا بالعملية الإنتاجية, وغير خاف علينا جميعا أن آلاف المصانع قد أغلقت أبوابها, كما أن البلد لا يستقبل استثمارات تكفي لعودة هذه المصانع للعمل بكامل طاقاتها, بالإضافة إلي أن عمليات التصدير تواجه متاعب كثيرة.

فماذا ستكون النتيجة المترتبة علي فرض حد أدني يدفعه أصحاب المصانع لعمالهم؟ ستكون النتيجة ولا شك لجوء أصحاب المصانع إلي إيقاف النشاط, والخروج من العملية الإنتاجية, ومن ثم طرد المزيد من العمال!

وأيضا بالنسبة للعاملين بالحكومة, هناك مسألتان, الأولي أننا نعاني من عجز كبير في الموازنة العامة, لا يحتمل تحميل هذه الموازنة بأعباء إضافية, والثانية أنه حتي لو تم التعجيل بفرض حد أدني للأجور فإن ذلك سيؤدي إلي زيادات غير محسوبة في أسعار السلع والخدمات, تلتهم ما حصل عليه الموظفون, وكأنك يا أبا زيد ما غزوت!

نعم.. المطلوب دراسة دقيقة وجادة للموضوع, وهو ما دفع الحكومة إلي تأجيل القضية عدة شهور مقبلة, حتي لا يضار المستثمرون, وأيضا لكي يتم اتخاذ قرارات واقعية يمكن تطبيقها, وتحقق في الوقت نفسه العدالة الاجتماعية المبتغاة.
 

Email