على الأرض العربية.. من اللاعب والملعوب به؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

افريقيا الموبوءة والجائعة والجاهلة، عدا دولة الجنوب، تعتبر أكثر استقراراً من أمة العرب ذات الثقافات التي بدأت مع غزو (نابليون) لمصر، مع تراث هائل وموارد تعادل موارد قارات كبرى، وحتى اليوم جلبنا حروب كل العصور من داحس والغبراء، إلى أسلحة الأسد الكيماوية، ولا يوجد في النفق المظلم بصيص ضوء..

الصين احتفظت بصور «ماوتسي تونج» على عملاتها وأبقته رمزاً وطنياً بحيث لم يخدش تاريخه رغم أخطائه الفادحة، لكنهم أوقفوا فكره ومنهج ايدلوجيته وسياسته، لأنه تقادم عليها الزمن ولا يمكن ربط شعب وتقدمه بنصوص ميتة، وحتى كوبا آخر دولة أبقت على ذكريات الشيوعية، دخلت مراسم الرأسمالية، وإن بأسلوب الجرعات الخفيفة، وروسيا كانت تعيش إهانات الغرب بعد زوال الاتحاد السوفيتي ليطلق عليها الرجل المريض، وتجاوزتها لتكون مركز ثقل دولي ورقماً في كل المعادلات..

سورية اليوم مركز الصراع، حيث اتفق الروس والأمريكان على صفقة تجريد نظام الأسد من أسلحته الكيماوية، بنفس الوقت كل منهما يحشد أساطيله حول شواطئ بلده، في البحر الأبيض المتوسط أي أن المواجهة، وإن كانت بعيدة عسكرياً، فكل طرف يريد انتزاع تنازلات من الآخر لكن بأساليب دبلوماسية، ومع أنهما يعلمان ما في الداخل السوري وتفاصيله الدقيقة إلا أنهما يذكراننا بمواقع الأزمات في العالم بدءاً من الصواريخ السوفيتية في كوبا التي كادت تفجر حرباً عالمية بإبادة شاملة بالأسلحة النووية، إلى حرب ١٩٥٦م التي كادت أن يجري على هامشها أزمة حرب بين قوتي الشرق والغرب في ذلك الوقت، وإلى آخرها المغامرات المجنونة لكوريا الشمالية..

في هذه المماحكات السياسية واستخدام القوة من قبل أمريكا لضرب قوة الأسد ثم التراجع عنها وحصرها في التخلص من أسلحة دماره، واستثناء المجازر والتدمير بالأسلحة التقليدية، يضعنا أمام حقيقة أن كل شيء يتم الاتفاق عليه خلف الدولة المعنية ومحيطها العربي والاقليمي عدا إسرائيل المشارك بالفعل السياسي من وراء الستار الحديدي الأمريكي..

حتى لا نستبق تقرير المفتشين الدوليين بسورية وفيما ثبت أن النظام استخدم تلك الأسلحة المحرمة، هل مجرد تسليمه بقية تلك القوة للجنة دولية يعفيه من المحاسبة، ونحن نعرف كيف طورد صدام حسين دولياً، وقيادات صربية حولوا إلى محكمة العدل الدولية، فهل مجرد أن تكون روسيا من يحمي النظام يسمح بتجاوز الجريمة، أم أنها ستكون إدانة تجبر مجلس الأمن على إقرار الجزاءات المستندة للنظام الدولي؟!

الوطن العربي أصبح موقع التجاوزات القانونية، وصاحب السوابق التي أجبرت دول العالم الحضور داخل مواقعه الأمنية وضربها، ولعلنا الوحيدون في العالم بين الدول من شهدوا كل أنواع الحروب وحالات الانفصام السياسي، ولم يكن أمراً غير عادي نشوء قوى التطرف والإرهاب بها، وهي ليست خيبات أمل من تجارب سابقة بما فيها إسقاط رموز دكتاتورية من خلال ما سمي بالربيع العربي، بل ما يجري الآن من الدول الوريثة لا يقل بشاعة عن سابقاتها، بل إن تردي الأمن وسوء الادارة السياسية والاقتصادية يلقي بظلاله عليها بتباشير ما هو اسوأ، وهذا يكشف مدى ضعف البنية الاجتماعية ونسبة التربية الأخلاقية والسلوكية لجبهتي الحكم والمعارضة وأنهما على نفس القدر من التخلف السياسي ومحاولة احتكار السلطة من منظور جماعة أو حزب أو طائفة..

منذ تسليم الأرض الفلسطينية لليهود، وقبلها (سايكس - بيكو) ونحن دول التجزئة ومركز التدخلات العسكرية، والمناورات السياسية، ولم يتغير شيء من مبايعة الزعيم الأوحد إلى رموز الإسلام السياسي، لا توجد رايات بيضاء ترفع من أجل تعايش وطني يجعل الجميع متساوين، وهذا الضعف في البنية الذاتية العربية، هو السبب أن نكون ميدان اللعبة ولاعبها..
 

Email