الثروة المهدرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوم الخميس الماضي نُشرت في هذه الجريدة مقابلة مع الأستاذ عبدالله الرشيد تحدث فيها عن أزمات المياه، وعدم صلاحية الخليج العربي للتحلية، وأن الأمطار المتساقطة على جبال السروات قادرة لأن تعوضنا في الشرب والزراعة باكتفاء ذاتي، وأورد العديد من الإحصاءات والمقارنات..

وطالما قضية المياه حيوية بالنسبة لبلدنا الذي تندر فيه المصادر الثابتة، ولأن ما تحدث عنه يطرح الأسئلة الكثيرة على المختصين وعلى وزارتيْ الزراعة والمياه فإننا أمام هذا الرأي نريد أن نقرأ ونسمع ما يؤيد أو يناقض ما طرحه الأستاذ عبدالله..

الموضوع للقارئ العادي مفرح ومبشر بالخير، وقد تكون هناك آراء تختلف معه أو تؤيده، وفي كل الأحوال فالأمر يستحق الاستقصاء عندما يقول إن (٣٧،٥) مليار متر مكعب الساقطة على جبال السروات سنوياً تكفي استهلاكنا وتزيد عليه، والأرقام التي حشدها في حديثه يمكن أخذها في كل الاعتبارات خاصة، أنها تذهب هدراً للبحر الأحمر..

الخيار المفتوح لنا، التحلية من البحر، وهذه مكلفة ولن تسد الحاجة مع تزايد السكان ومطالب الصناعة والزراعة، وعلى افتراض تم استغلال الطاقة الشمسية فحتى هذه لا تزال في البدايات الأولى وأمامها تعقيدات تقنية متعددة، وهي أمل منتظر، لكن إذا كانت مياه الخليج تهدد أمننا في المستقبل سواء في الملاحة أو التحلية، فالمأزق يصبح أكثر حساسية، بل إن مفاعل «بوشهر» الذي تقادم عليه الزمن ينذرنا بالمخاطر، ويبقى البحر الأحمر مصدراً آخر لكنه يتعرض للتلوث وحتى الحياة الطبيعية من أسماك وغيرها بدأت تتناقص، وبالتالي فالمواجهة مع المستقبل تفرض أن نحاور أي رأي يعطينا الأمل في سد النقص في السنوات القادمة..

لا نريد أن نكرر المبالغة بأن مياهنا الجوفية تعادل تدفق مياه النيل لأنها كشفت عن واقع علمي نفى حقيقتها، ولا نركض خلف آمال غير قابلة للتصديق، لكن الحديث يبقى مثيراً لأن من أدلى به يحمل وجهة نظر تسندها مجموعة إحصاءات، وبوجود خبراء ومختصين فإن مناقشة ما طرح يفيدنا جميعاً، وتبقى وزارتا المياه والزراعة كجهتين رسميتين ما هي تصوراتهما عن الأمطار نسبها وغزارتها والحلول المطروحة لاستغلالها، وكيف لا نواجه هذا الهدر الخطير بذهابها للبحر الأحمر دون خطط لبناء السدود والمحاجر، ومنع البخر أسوة بتجارب دول سبقتنا في هذا المضمار، أم أن الإعاقة الإجرائية، وعدم وجود دراسات وتحليلات ليست في بند الوزارتين خاصة وأن أكثر من خبير أدلى برأيه لوسائل الإعلام المنظورة والمقروءة، ولم نجد الاستجابة لوقف زراعة البرسيم، والتوسع في تزايد أشجار الزيتون وهو سلعة ليست ضرورية مثل زراعة القمح الموقوفة، ومضاعفات الإعلانات التي تنشر للمواطن، وكأن صاحب الإجراء والقرار ليس بيده توجيه هذه السياسة؟

في العموم نحن من أفقر دول العالم في المياه والتركيز على البحوث والدراسات والاهتمام بكل مصدر يضعنا أمام مسؤولية عامة، والحديث المشار إليه لابد أن يلقى الاهتمام سواء بالقبول أو الرفض وفق منهج علمي وموضوعي طالما كشف بوجهه نظرة عن مصدر مهم لمياهنا المهدرة..

Email