الدرس السوري

ت + ت - الحجم الطبيعي

مأساة سوريا باتت شاهدا حيا علي خطورة السماح للتدخلات الأجنبية بالعبث في مقدرات أي أمة‏,‏ فاليوم وصل عدد ضحايا الحرب الجهنمية في سوريا إلي ما يتجاوز الــ‏601‏ آلاف شخص‏,‏ وأكثر من نصف القتلي من المدنيين‏,‏ ولم يعد خافيا علي أحد أن السوريين تشردوا في البلدان المجاورة‏

وأن كثيرا منهم تشردوا داخل بلدهم, ولم يعد التعاطف وحده يكفي, ولم تعد الإدانة أو الشجب تشفي غليل الضمائر الحية.

إلا أنه برغم ضخامة المأساة وتعثر الحل السياسي, وتزايد وتيرة الدمار والخراب, فإن العقول المستنيرة في بقية البلدان العربية عليها أن تستخلص الدروس والعبر من مأساة سوريا, ومن قبلها مأساة العراق, ويبدو الآن أن الوضع المأساوي في سوريا سوف يعمق من أزمة العراق, فقد أعلن مسعود بارزاني أنه مستعد للدفاع عن أكراد سوريا في مواجهة جبهة النصرة وتنظيم القاعدة.

وهنا يتضح لنا أن الأزمة تزداد تعقيدا يوما بعد يوم, وباتت المسألة مهددة بحريق ما بين العرب السنة والأكراد, ويبدو أن الأصابع الغربية الخبيثة التي أشعلت فتنة السنة والشيعة باتت الآن تريد إشعال حريق بين العرب والأكراد, وهذه هي إحدي تجليات الفوضي الخلاقة التي تحدثت عنها كوندليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا السابقة, وها هي الأطراف المتطرفة من تنظيم القاعدة تفتح معارك جديدة, وتزيد الاقتتال الأهلي.

وإذا كان هناك من مدرس سوري فهو أنه لا فائدة من العنف والقتل, ولا بد من حل المشكلات السياسية بالحوار بين أبناء الوطن الواحد بعيدا عن التدخلات الأجنبية.

فالتدخل والوساطة الخارجية لم تجلبا إلا المزيد من الخراب والدمار, وصراع المصالح الأجنبية علي حساب المصالح الوطنية للشعوب, فهل تسارع بقية البلدان العربية, وتعالج قضاياها وخلافاتها بعيدا عن الآخرين قبل فوات الآوان.
 

Email