تونس.. هل تستنسخ الحالة المصرية؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

    بوعزيزي التونسي فجّر غضب الربيع العربي، ولم يتوقع أحد أن بائع خضار تعرض للإهانة سوف يشعل نار خمس دول عربية لمجرد إشعال النار في جسده، لتسجل تونس الريادة في خلق البدايات وإطلاق شرارة الحريق الكبير، غير أن حزب النهضة والذي استطاع أن يصل إلى الهيمنة على الدولة ومؤسساتها، واجه نقداً حاداً في احتكار السلطة وعدم فتح المجال للأحزاب والمنظمات الأخرى رغم أن البيئة التونسية التي يرتفع فيها الوعي عن غيرها بين المواطنين، أطاحت بنظام بن علي لتفتح المجال لنظام ديمقراطي تعددي، في وقت رأت الدولة أنها جاءت باقتراع حر وكسبت شرعيتها من صوت المواطن..

مصر أيضاً أوصل الاقتراع الإخوان المسلمين إلى السلطة.. نفس الرتم والأسلوب، والتماثل بين النظامين أن تونس لا تزال ظروفها الاقتصادية أفضل حالاً من مصر التي واجهت عجزاً اقتصادياً واحتياجات وطنية ملحة عجز الحكم عن توفيرها، إلى جانب العديد من القضايا التي جعلت «تمرد» تقوم بجمع تواقيع عشرات الملايين لينتهي السيناريو بتغيير الحكم بقوة ضغط الشارع، وتلبية الجيش لرغبة التغيير وبأن الشرعية نقضتها شرعية أكبر..

مجريات الأحداث في البلدين تتجه إلى مخاوف أنه مثلما كانت تونس ملهمة الثورات العربية، أن تواجه سيناريو أحداث مصر، ومع أن هناك خلافات تبعد هذا الاحتمال عند البعض معللين بأن تونس تختلف تماماً عن الوضع المصري، إلاّ أن الطرف المعارض يجد أن الموقف قد يأتي بنفس الأسلوب، وهذا ما أثار جبهات إسلامية إقليمية ودولية للاجتماع في اسطنبول لدراسة أحوال مصر والأوضاع الجارية في خسارة الإخوان المسلمين وانعكاساتها على التنظيم العالمي من جهة، وآثاره على دول الربيع ذات النهج المتقارب مع الإخوان، وعلى رأسها تونس.

وهذا الهاجس لم يعد فقط قيد وضع بلدين عاشا مخاض تغيير نظامين دكتاتوريين، لكن جاءت المخاوف على التنظيم كله ومستقبله وفيما إذا كان يمر بحالة صدمة، وإمكان إصلاح وضعه قبل أن تحدث مواجهات مع دول واتجاهات ليخسر جولات قادمة..

الجدل طال التجربة الإسلامية كلها، فالمعارضون رسموا خط نهاية هذا الحكم معللين أن إدارة الدول بحزب باتجاه واحد وفكر لا يقبل النقد والتغيير، مقابل اتجاه متصاعد يريد أن تكون عملية الحكم تكاملية بين جميع مكونات الشعب، يجعل الخلاف متسعاً، وأن الشرعية لا تعني الحصول على تزكية حزب يحكم ولا يلبي رغبات واحتياجات المواطنين الذين أجبرتهم ظروفهم على نقض هذه الشرعية بما يعتبرونه صوت قوة الشارع..

وبصرف النظر عن هذا التعارض فالمصالحات الوطنية تقتضي رفض الإقصاء من أي طرف، فإذا كانت التنظيمات الإسلامية الحاكمة أخطأت، فهي تبقى واقعاً حقيقياً في جسد تلك الدول ولا تزال قوتها قائمة، وموضوع الاستقرار إذا كان أطاح بالفاشل، فغيره لا يستطيع النجاح بإعادة نفس السيناريو، وهنا أصبحت قضية المشاركة عملاً يضيق الفجرات بين الأحزاب والمنظمات والجبهات الوطنية الأخرى..

ما حدث في مصر قد لا يتكرر في تونس، ولكن إذا توفرت نفس الأسباب فربما تعاد نفس الصورة، ولا تزال العروض قائمة بأن يحتوي أي نظام كل مكونات الشعب ليكون نظاماً يباركه ويؤيده الجميع..
 

Email