نجاعة النموذج الأردني في الإصلاح

ت + ت - الحجم الطبيعي

تؤكد الأحداث والمستجدات التي تعصف بالمنطقة نجاعة النموذج الأردني في الإصلاح والديمقراطية، القائم على التدرّج الرافض لسياسة حرق المراحل بعد ثبات فشلها الذريع.

ومن هنا نجد أن جلالة الملك عبدالله الثاني في أوراقه النقاشية الأربع حرص على وضع خارطة طريق واضحة المعالم تهدي العاملين والمؤمنين بالاصلاح حتى لا يضلوا الطريق.

وزيادة في الايضاح والتفصيل وقف جلالته مطولاً امام ركائز هذه الطريق، لتحقيق التحول الديمقراطي وفي مقدمتها الايمان بقيم ومبادىء العملية الديمقراطية متمثلة بقبول الرأي الآخر، والاستماع للمعارضة، واقناع المواطنين بالمشاركة، ورفض المقاطعة بعد ثبوت فشل هذا النهج العبثي، والايمان بأن الاصلاح والتغيير لا يتم الا عبر المشاركة، ومن خلال الاطر التشريعية والمؤسسات الدستورية، هذا ما أدى الى مشاركة اكثر من 56% من المواطنين في الانتخابات الاخيرة، وفوز اكثر من 80 نائباً لاول مرة، ما يعني ان المواطنين مصرون على المشاركة والاصلاح، وقادرون على تغيير مفردات الحياة السياسية.

جلالة الملك وهو يقود تجربة الاصلاح المتدرج، اطلع على تجارب الدول الاوروبية، بريطانيا واسبانيا والولايات المتحدة الاميركية..الخ، فهذه الدول لم تصل الى تجربتها الحالية الراقية الا باتباع الاسلوب المتدرج، ومن خلال تغيير القوانين والانظمة عبر مسيرة ديمقراطية طويلة، حتى وصلت الى ما وصلت اليه من حكومات برلمانية تجسد الحياة الحزبية الحقيقية، وتداول السلطة، بحيث يكلف الحزب الفائز بتشكيل الحكومة، فيما تنتقل الاحزاب الخاسرة الى خندق المعارضة وتشكل حكومة ظل..

ومن هنا ولإنضاج التجربة الحزبية الاردنية، فلا بد من تطوير الحياة الحزبية، وبث الحياة في الاحزاب لتقوم بدورها، وهذا يفرض على مجلس الامة ومؤسسات المجتمع المدني ان تولي هذا المجال عناية خاصة بصفته الارض الصلبة التي تستند اليها الحكومات البرلمانية مستقبلا أسوة بالدول المتقدمة في هذا المجال.

إن ما حصل في العديد من الدول الشقيقة، يؤكد مصداقية النموذج الاردني ويؤكد ان الديمقراطية والتطور والتحديث والاصلاح لا يأتون دفعة واحدة ولا بجرة قلم، وانما لا بد من تهيئة الارض الصلبة بتجذير هذه التجربة، وتصليب أساساتها حتى لا تهتز، ولا تسقط أمام حملات أعداء الاصلاح، وامام الرياح الصفراء التي تضربها بين حين وآخر.

لقد ثبت خطأ من ينادون بالتسريع في الاصلاح، وحرق المراحل، ونسوا أويتناسون ان بناء البيت المتين الراسخ البنيان يستغرق وقتاً طويلا حتى يعمّر ويصمد امام الزلازل، في حين ان بيت العنكبوت هو أسرع البيوت, ولكنه أوهنها كما وصفه رب الكون.

مجمل القول: المستجدات الخطيرة التي تضرب العديد من الدول الشقيقة، تؤكد نجاعة وصوابية وحكمة جلالة الملك عبدالله الثاني الذي قاد ويقود مسيرة الديمقراطية والاصلاح والتطوير والتحديث، وتؤكد نجاعة النهج الاردني القائم على التدرج لتحقيق التحول الديمقراطي، ورفضه لسياسة حرق المراحل التي ثبت عقمها وخطورتها، وكانت السبب الرئيس في حالة عدم الاستقرار التي تضرب العديد من الدول الشقيقة.

حمى الله الأردن...
 

Email