أمة تتمزق .. وعدو يتربص

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعبارات موجزة محددة، نستطيع ان نؤكد ان غياب الموقف العربي الموحد، والخلافات التي حولت الامة الى طوائف متناحرة متقاتلة، هي السبب الرئيس للتعنت الاسرائيلي، ورفض العدو الالتزام بالقرارات الدولية وشروط واشتراطات العملية السياسية.

وفي هذا السياق لا بد من ملاحظة ان ارتفاع وتيرة العدوان تجاوز كل الحدود، بعد ما تفجرت الخلافات العربية وظهر الاصطفاف واضحا تجسده الازمة السورية، بكل تداعياتها وابعادها وخاصة بعد انفجار الاقتتال الطائفي وحملات التجييش التي مارسها الطرفان ووصلت الى حد الفتوى باستباحة الدماء، وانتقال كرة النار الى دول الجوار.. العراق ولبنان ومصر، وهو ما يؤكد ان المنطقة كلها اصبحت رهنا لهذا الصراع المذهبي الذي يصب في النهاية في خدمة العدو الصهيوني.

جرأة العدو، او بالاصح وقاحته التي وصلت الى حد رفض وقف الاستيطان والموافقة على اقامة 800 الف وحدة سكنية خلال السنوات الثلاث الماضية، منها 100 الف في القدس وحدها يعود الى عدم وجود موقف عربي جماعي فاعل، وقادر على لجم هذا العدو، وقادر على اتخاذ الاجراءات الفاعلة، التي تجبره على مراجعة سياساته العدوانية والامتثال للقانون الدولي.

إن الاخطر من كل ذلك - في رأينا - ليس غياب الموقف العربي فحسب، بل نهج التنازلات الذي اصبح يحكم العقلية العربية بعد هزيمة حزيران، فبدلاً من تجميد معاهدات السلام، ووقف التطبيع، كرد على تدنيس الاقصى، وتهويد القدس، وتحويلها الى “جيتو” يهودي، تعلن اللجنة العربية للسلام موافقتها على تبادل الاراضي بدلاً من ابلاغ واشنطن بصفتها الراعية الوحيدة للسلام بوقف التطبيع، واعادة النظر في المبادرة العربية لان العدو ماض في انتهاك القانون الدولي، وماض في اقامة وتوسيع المستوطنات، حتى اصبحت الضفة الغربية مجرد - كانتونات - يستحيل معها اقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا.

ومن هنا فليس من نافلة القول التأكيد ان العدو استغل الوضع العربي البائس والحالة الفلسطينية التعيسة، بعد فشل المصالحة، ليكرس الامر الواقع، وخاصة في ظل الانحياز الاميركي للاحتلال، والتواطؤ الغربي الذي يشجعه على المضي في تنفيذ مخططاته التوسعية الاجرامية لأنه محمي “بالفيتو” الاميركي.

مجمل القول : لقد كان ولا يزال غياب الموقف العربي الفاعل هو السبب الرئيس في استمرار الاحتلال والعدوان الصهيوني الغاشم، وجاء الاقتتال المذهبي “سنة وشيعة” والخلافات العربية الدموية لتقوي العدو على رفع وتيرة العدوان متمثلا بالاستيطان وتهويد القدس والاقصى، والاصرار على رفض اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني، لتؤكد ان لا سبيل للجم العدوان الا بتوحيد الصف العربي، وكنس الخلافات، ونقله من مربع التسليم والتنازل الى مربع المقاومة والتصدي للاحتلال.

“ولينصرن الله من ينصره”.. صدق الله العظيم.
 

Email