الرد على تصعيد العدوان الصهيوني

ت + ت - الحجم الطبيعي

يأتي تصعيد العدوان الصهيوني على القدس والأقصى في الوقت الذي تنشط فيه المساعي الدبلوماسية بخاصة التي تقوم بها واشنطن والدول الأوروبية والعربية لإخراج العملية السلمية من المأزق الذي وصلت اليه، واستئناف المفاوضات بين الطرفين- الفلسطينيون وإسرائيل- وفق سقف زمني محدد يفضي الى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني، ما يؤكد أن العدو ليس معنيا بإنجاح تلك المساعي، وإنهاء حالة التوتر والاحتقان التي تسيطر على المناخ العام وتشي بانفجار قريب إذا بقيت سلطات الاحتلال مصرة على الاستيطان وتهويد القدس وعدم الاعتراف بالحقوق الوطنية والتاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني.

وفي هذا السياق لا بد من التأكيد على أن سلوك العدو هذا ليس مستهجنا، ولا غريبا، لأنه يتماهى مع نهجه العدواني القائم على الاحتلال، والاستيطان والترانسفير، ويؤشر من جديد الى أنه لم يغير ذلك النهج العدواني، ولا يزال وفيا لمبادئه الصهيونية التي قام عليها الكيان الصهيوني العنصري، ويؤشر ايضا الى أنه لا يزال أسيرا لعقلية القلعة التي تربى عليها، ولأيديولوجية القوة التي تسيطر عليه، وبالتالي يرفض الخروج من هذه الصدفة و العقلية العدوانية ويرفض الامتثال لشروط واشتراطات السلام، كما فعلت الدول العربية مجتمعة، حينما قررت الانحياز للسلام العادل والشامل، في قمة بيروت 2002، حيث وافقت على المبادرة العربية القائمة على الاعتراف بالعدو والتطبيع معه شريطة الانسحاب من كافة الأراضي العربية المحتلة العام 1967، وفي مقدمتها القدس العربية، والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة في حدود الرابع من حزيران والتفاوض على حق العودة وفقا للقرار 194 .

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قامت اللجنة العربية للسلام برئاسة رئيس وزراء قطر مؤخرا بزيارة واشنطن، والإعلان عن موافقتها على مبادلة الأراضي لكسر الجمود الذي يكبل المسيرة السلمية، وجاءت المفاجأة أن العدو لم يقم بالرد على تلك المبادرة ايجابياً، كما توقعت اللجنة بل بقي مصراً على ثوابته الصهيونية باستمرار الاستيطان وتهويد القدس والأقصى.

إن رفع وتيرة العدوان الصهيوني في هذه المرحلة التي تشهد حراكا دبلوماسيا اميركيا وغربيا وعربيا، يستدعي من تلك الدول بخاصة واشنطن، موقفاً حاسماً وجريئاً، يقوم على تسمية الأشياء بأسمائها، ونعني بذلك التنديد بالاستيطان والمطالبة بوقفه، باعتباره انتهاكا صريحاً وسافراً للقانون الدولي، ودعوة إسرائيل لتطبيق القرارات الدولية التي تنص على الانسحاب من الأراضي المحتلة، والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الفلسطيني.

مجمل القول: إن تصعيد العدوان الصهيوني على القدس والأقصى يستدعي موقفاً دولياً فاعلاً للجم ذلك العدوان، يقوم على تفعيل نظام المقاطعة لذلك الكيان العنصري وتجميد كافة الاتفاقات ووقف التطبيع كسبيل وحيد لحماية الشعب الفلسطيني وإنقاذ القدس والمقدسات.
 

Email