رؤية ملكية لترسيخ دولة المؤسسات

ت + ت - الحجم الطبيعي

قدّم جلالة الملك عبدالله الثاني امس رؤية ملكية متكاملة لمأسسة العمل النيابي، وترسيخ نهج التدرج بتشكيل الحكومات البرلمانية, تهدف بالدرجة الأولى للحيلولة دون وصول العلاقات بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية الى مرحلة الانسداد، ومن هنا أكد جلالته -بكل وضوح ودون لبس أو غموض- أننا لسنا ضد توزير النواب، ولكننا مع التدرج كما يريد الشعب الأردني، وذلك لترسيخ المؤسسية في العمل النيابي، وانضاج التجربة، وهذا يستدعي تحديث النظام الداخلي لمجلس النواب وإنجاز مدونة السلوك، لمأسسة عمل الكتل النيابية، بحيث تضمن وجود الضوابط العملية لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، وآليات الرقابة.

جلالة الملك وهو يقدم رؤيته وتصوره الكامل للنهوض بالعمل النيابي خلال استقباله رئيس وأعضاء مجلس النواب، أراد -وهو رأس السلطات الثلاث- من النواب أن يقلّبوا الأمر أكثر من مرة، ويسألوا أنفسهم فيما إذا كانت الأولوية اليوم هي دخول النواب في الحكومة، أم تحديث ومأسسة عمل مجلس النواب بما يؤدي إلى نجاح تجربة إشراك النواب بالحكومات البرلمانية؟ مؤكداً أن إنجاح نهج الحكومات البرلمانية هو في المحصلة النهائية مسؤولية النواب من خلال التدرج.

وفي إطار متصل لفت جلالة الملك الى حجم العمل المطلوب من مجلس النواب لإنجاز التشريعات التي ذكرها جلالته في خطاب العرش السامي وفي مقدمتها قوانين: الكسب غير المشروع، الضمان الاجتماعي, حماية المستهلك والمالكين والمستأجرين..الخ، داعياً النواب -كممثلين للشعب- للتواصل باستمرار مع قواعدهم الانتخابية، لشرح التحديات التي تواجه الأردن بشكل موضوعي.

وفي هذا الصدد، طمأن جلالته النواب بخصوص الوضع على الحدود مع سوريا، حيث تم اتخاذ «كل الإجراءات التي تضمن أمن واستقرار الوطن».

الجدير بالذكر أن حراك جلالة الملك المتواصل لحل الأزمة السورية حلاً سلمياً وزيارة جلالته إلى روسيا وأميركا أسهمتا -بشكل ملحوظ- بإطلاق الحراك الدولي الذي توج باتفاق بين وزيري خارجية البلدين بضرورة حل الأزمة سلمياً كسبيل وحيد لإنقاذ القطر الشقيق: أرضاً وشعباً من التقسيم، ووضع حد للجماعات المتطرفة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة كلها.

قائد الوطن وهو يعمل على ترسيخ الديمقراطية والتعددية، ودولة القانون، وقف مطولاً أمام ظاهرة العنف مشدداً على ضرورة تعاون السلطات الثلاث، وضرورة احترام سيادة القانون، فهو الضمانة الحقيقية للمسيرة الديمقراطية، وأمن المواطن، واستقرار الوطن.

مجمل القول: لقد وضع جلالة الملك عبدالله الثاني خريطة طريق لمأسسة العمل النيابي، والتدرج بتشكيل الحكومات البرلمانية، للحيلولة دون انسداد العلاقة بين السلطتين: التشريعية والتنفيذية، مؤكداً -بكل وضوح- أن الأولوية اليوم هي تحديث ومأسسة عمل مجلس النواب، بما يضمن نجاح تجربة اشراك النواب في الحكومات البرلمانية داعياً النواب لضرورة التواصل مع المواطنين، ووضعهم في صورة التحديات التي تعصف بالمنطقة، مهيباً بالسلطات الثلاث التعاون للقضاء على ظاهرة العنف.

«وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون»... صدق الله العظيم.
 

Email