سوريا.. الحرب بالنيابة..

ت + ت - الحجم الطبيعي

    لا يوجد شعب بالعالم فرضت عليه بطولة الزعماء مثل الشعب العربي، فأصحاب الانقلابات ضربوا الرقم القياسي بانتخابات ال ٩٩٪، وسميت الدكتاتوريات بديموقراطيات العمال والفلاحين، والهزيمة نكسة، وسوريا كمدرسة أولى في الانقلابات، جاءت آخر سلسلة للحكم المتخلف والدموي مع عائلة الأسد، وكان يفاخر أنه أقوى نظام استخبارات في المنطقة، ولكنه سلطة على الشعب السوري يتابع حركة كل إنسان، وكيف يقرأ، وينام ويأكل إلى درجة أن السجون تعدت تعداد المدارس والمستشفيات، لكن هذا النظام ثبت أن وسائل أمنه، وخاصة الاستخبارات كانت مخترقة من قبل إسرائيل إلى حدود الانكشاف الكامل لأدق العمليات والخطط التي يعدها النظام..

فقد قتل قيادي حزب الله عماد مغنية أمام قيادة الأمن، ولحق به آصف شوكت مع بقية قادة الأمن والجيش، الذي قبل إن إسرائيل هي من قامت بالعملية ثم آخر التطورات السبت الماضي عندما ضربت الطائرات الإسرائيلية مقر قيادة المسؤولية عن السلاح الكيماوي، والتحليق فوق قصر الأسد..

المقاومة السورية كادت أمس قتل رئيس الوزراء في المنطقة الآمنة بعبوة ناسفة، ومهما كانت الوقائع المتتالية، فالصورة التي تتناقلها وسائل الإعلام والمحققون يرون أن تدويل الصراع في سوريا قد يحدث كمرحلة لاحقة، وخاصة محاولة احتواء الأسلحة الكيماوية، التي تتفق عليها أمريكا وأطراف غربية وإسرائيل، أنها سواء بقيت بحوزة الأسد أو استولى عليها الجيش الحر، أو إحدى الفصائل المقاومة للنظام، يعني بقاء الخطر قائماً، وهناك من يسعى لاستمرار الحال بين الكر والفر، لاستنزاف مؤيدي النظام، روسيا وإيران وحزب الله وان التدمير المتلاحق سيجبر أي سلطة سورية قادمة التوقيع على سلام مع إسرائيل بلا قيود بحكم حجم الخسائر البشرية والمادية والعسكرية..

النظام أصبح حالة مرضية، فهاجس فقدان السلطة رغم مرور عامين على الثورة وآمال الانتصار على من يقول عنهم النظام شرذمة من الارهابيين، بدأ يطرح الحقيقة الغائبة بقرب النهاية حتى أن تصريحات نجاد " خشيته من سقوط النظام سيقود إلى عدم الاستقرار ويمثل تهديداً للمنطقة" لم يسبق ان أدلى بمثل هذا التصريح ولكنه تركه لمجموعة انذارات المالكي الذي رسم نفس الصورة وحذر منها، فأصبحت تباشيرها مظاهرات واعتصامات وتشكيل جيش عشائري في بلده مما يؤكد أن تلازم الاستراتيجيات بين نظام طهران، وبغداد ودمشق بدأ يتهاوى خاصة ان المفاصل الحساسة لقوة جيش الأسد بدأت تأخذ منحى جديداً بضرب الجيش الحر المطارات، ووصوله إلى مواقع قد تقلب المعادلة كلها..

أن يذهب الشعب السوري، وتدمر مدنه وقراه، ويشرد بقية الناجين، ليس مهماً لدى روسيا، أو دول الاطلسي، ولعلها الحرب ما بعد الباردة التي تفرق بها روسيا وينتظر نتائجها لصالحه الطرف الآخر، فهي قد تحول الأوضاع إلى خط جديد في رسم الخرائط والتسويات والتحالفات، وتبقى بجملتها حربا بالنيابة عن معسكري الشرق والغرب ولكن هذه المرة بدون ايدولوجيا وإنما بحرب الاستراتيجيات والمصالح.

 

Email