المملكة ليست وحدها من صحّح المقيمين لديها..

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس في الحملة على العمالة السائبة لتصحيح أوضاعها جانب سياسي، ولم تستهدف جنسيات عربية فقط إذا علمنا أن المشكلة لم تولد اليوم، بل جاءت من عدة مصادر، تخلّف حجاج ومعتمرين منذ سنوات طويلة، متسللون من الحدود، وتأشيرات فائضة عن حاجات المستقدمين تركوها في الشارع، وهاربون من الجنسين استغلتهم أكثر من جهة سواء شركات كبرى أو مؤسسات صغيرة كالمدارس ودكاكين التجزئة والصالونات والورش وغيرها، والمملكة لم تكن الأولى في تصحيح أوضاع خاطئة للعمالة التي لا بد من الاستغناء عنها بمبدأ سيادة النظام.

فقد اختلفت المملكة مع الكثير من النظم العربية بمراحل مختلفة، ولكنها أبقت العاملين لديها بدون أضرار، عكس بعض الدول حين سحب عبدالناصر العاملين المصريين من مدرسين وإداريين وتخصصات أخرى للضغط على المملكة، لكنها عوضتهم من مصادر عربية مختلفة سدّت احتياجاتها، غير أن ما جرى في دول عربية يختلف تماماً حيث كانت السياسة حاضرة وبقوة ليؤخذ العاملون بجريرة دولهم.

فليبيا قامت بطرد مصريين وفلسطينيين، وتونسيين بنتيجة خلافات لتكون وسيلة ضغط على تلك الدول، وعملت الكويت نتيجة غزو صدام على إبعاد الفلسطينيين واليمنيين، وكذلك الأمر بصطدام حسين إبعاد المصريين والسوريين والإيرانيين، والأردن اتخذت إجراءات مماثلة بإبعاد عمال مصريين ورفض دخول لاجئين فلسطينيين، وترحيل سودانيين عن مصر، وهناك الكثير من الوقائع، ومع ذلك فالمملكة لم تختر موقفاً سياسياً، أو تخص جنسية معينة، أو تعاقب من يعمل في موقعه مع كفيله، سواء أكان فرداً أو مؤسسة أو شركة بمعنى أن التصحيح سبقته تحذيرات ومقدمات من أجهزة الدولة، ليأتي الزمن الذي كان لا بد من اتخاذ إجراءات عملية وسريعة، ومع ذلك هناك مهلة أخرى أعطيت بحيث يتم تصحيح تلك التجاوزات.

قد لا تكون الجنسيات العربية هي الأكثر، بل النسبة الأقل أمام العمالة الآسيوية الأكبر، والأكثر ظهوراً في الشارع والمخالفات والممارسات غير القانونية، وطالما هناك دول عديدة استعملت حقها في إجراءات مماثلة، وتبعاً لتأكيد مصلحتها الوطنية، فإن المنطق يفرض على المملكة ذلك.

فأمريكا وضعت سياجاً مع المكسيك، وأوروبا صدّت العديد من القوارب والبواخر لمتسللين، وقننت العمالة القادمة من أوروبا الشرقية أو آسيا، وكذلك كندا واستراليا عندما حددتا النسب التي يستقبلانها كل عام وضمن شروط حادة.

هناك خلط في تعريف العامل غير القانوني، واللاجئ السياسي، فرداً كان أو جماعة دفعت بهم ظروفهم إلى القدوم هرباً من حرب أو حكم متعسف، وهؤلاء ضيوف موقّتون غير أن القياس يبقى غير موضوعي، وغير عادل مع زحف هائل تجاوز القوانين المعمول بها عندنا.

فكل بلد له حدود طويلة، وظروفه الاقتصادية والمادية أفضل من بلد الجوار يبقى عرضة للهجرة غير القانونية وبدواعٍ مختلفة، وهذه لا تقرها قوانين العمل العالمية ولا تستنكر صدها حقوق الإنسان، ويختلف الموضوع عن المقيم بإقامة طويلة، أنجب وعلم أبناءه داخل المملكة وخاصة العرب، لم يتعرض لهم أحد، لكن لا يعني ذلك عدم اتباع النظام وتصحيح أوضاعهم.

ما نريد أن نصل إليه أن ما تقوم به المملكة حق قانوني، ولا يستهدف فرداً أو جنسية دولة، ولكنه ينطلق من ضرورات أمنية وعملية، وهي نسب ضئيلة جداً أمام من يعملون بشكل طبيعي.

 

Email