مصر في مخاض عسير‏!‏

ت + ت - الحجم الطبيعي

لاينكر أحد‏,‏ أننا نعاني أزمات متلاحقة‏,‏ تكاد تعصف بمصر كلها‏,‏ والواقع أن أزمة النائب العام المحتدمة حاليا لن تكون الأخيرة‏,‏ لأنها ببساطة مجرد عرض لمرض‏, وهذا المرض العضال هو تفكك مؤسسات الدولة القديمة, فما الذي يحدث في هذه الأزمة؟ إن الذي نراه هو حالة انقسام داخل مؤسسة القضاء, هناك نائب عام حالي ينتمي لمؤسسة القضاء, أصدرت محكمة الاستئناف التي هي أيضا إحدي مؤسسات القضاء حكما ضد بقائه في منصبه, وضرورة إعادة النائب العام السابق( الذي هو ايضا واحد من مؤسسة القضاء) إلي المنصب, يعني أن المشكلة هي قضاء في قضاء, بما يشي بأن القضاء الآن في أزمة, لكن هل القضاء وحده هو الذي يعاني الأزمة؟

أبدا, وانظر إن شئت إلي مؤسسة الأمن, وكيف أن كثيرا من الضباط والأمناء يخرجون كل يوم, رافعين راية الاعتراض علي وزيرهم, وعلي طريقة عمل الداخلية, وكذلك فإنك لو دققت قليلا, فستجد الانقسام بشأن دور الداخلية قد امتد من العاملين فيها ليصل إلي الشعب كله, إنك ستجد من يصرخ مطالبا بعودة رجل الشرطة لممارسة دوره بالكامل في حفظ الأمن, بينما آخرون مازالوا يتهمون الشرطة, ويدعون إلي تشكيلية ما يسمي باللجان الشعبية, إذن هو انقسام آخر!وثمة انقسام ثالث يعاني منه الإعلام فتري بعض الإعلاميين يرفعون راية الرفض للسلطة الحاكمة في البلد, ويسهرون الليالي في توبيخها وكشف عوراتها بمنتهي الوحشية, بينما ثمة إعلام آخر مهادن يطالب بالتهدئة وبالنظر إلي الإيجابيات كي تنطلق الدولة, وتعود إلي ممارسة دورها الطبيعي.

ولو فكرت قليلا, فسوف تجد هذا الإنقسام يسود بقية المؤسسات, الاقتصادية منها والاجتماعية والسياسية.. وحتي الثقافية, فأين تكمن رأس الداء؟

إن جذور الأزمة كلها تأتي من أن النظام السابق( الذي امتد لسبعين سنة وأكثر!), لم ينشئ مؤسسات حقيقية بل كانت الرئاسة هي التي تدير الوطن بينما بقية المؤسسات هي مجرد ديكور, أو وهم أو رتوش لاستكمال الصورة.

والآن, وقد اصبح هذا البناء آيلا للسقوط, لانه ضد منطق العصر, وخرجت الجماهير ترفضه في25 يناير فإن المطلوب هو اعادة البناء من جديد( كل هياكل الدولة) علي أسس جديدة وعصرية وديمقراطية, ولكن لأننا لم نكن أبدا ديمقراطيين في يوم واحد من حياتنا فإن المخاض سيكون عسيرا ومؤلما وسندفع ثمن صمتنا الطويل علي فساد الماضي غاليا.. فتحملوا!

Email