ماذا تغير في زيارة أوباما الجديدة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

من يتفاءل بزيارة أوباما للمنطقة، يجهل كيف أن سياسة أمريكا ثابتة تجاه إسرائيل ومتغيرة مع العرب، وهذا ليس جديداً أو مستنكراً لأننا نفهم أن إسرائيل هي العمق الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة والأب الروحي والديني لها، لكن الزيارة تبقى في إطارها المعتاد لأي رئيس يصل لإسرائيل، أي أن الحوار يتم وفقاً للظروف السائدة في المنطقة مع دعم لا محدود عسكرياً ومادياً لها، إلا أن الواقع المستجد سواء بمسألة السلام التي لم تفك أمريكا طلاسمه أو الربيع العربي الذي اجتاح أكثر من دولة، وخاصة تلك التي تجاور إسرائيل، أو تنامي قوة إيران العسكرية والمراوحة بين الضغط عليها اقتصادياً وسياسياً، وخيار الضربة النوعية، كل هذا يطرح ويعالج وفق المصلحة المشتركة بين البلدين..

أوباما في زيارته الأولى للمنطقة وخطابه في جامعة القاهرة اختلف عن أوباما في مرحلة حكمه الثانية، أي أن تلك الأماني والوعود بعلاقات حميمة وإيجاد سلام وانفتاح تام على القضايا المتشابكة والسعي لحلها، تبخرت مع الأيام، ويبدو أن الحماس في بدايات عهده، صارت تحفظات في نهاياته وهذا لا يعني أن أوباما لا يفهم كيف تدار سياسة بلده، ولا الحلال والحرام اللذين تقاس بهما العلاقات، وكدولة عظمى يهتز لها العالم، فأولوياتها تتغير حسب الزمان والمكان، وقد لا نستغرب أن تكون همومها الراهنة تتجه إلى الكيفية التي صعدت بها آسيا من قارة ظلت تحتويها لسنوات طويلة إلى منافس شرس على المستويات المختلفة، وقد يكون هذا القرن وما يتلوه زمنها وتنامي قوتها..

أمريكا في عهد أوباما عاشت انتصارات على الإرهاب في قتل زعيم القاعدة، وأنهت الحروب العبثية، لكنها تواجه أزمة مالية حادة جاءت نتيجة تراكم العديد من التجاوزات، غير أنها تظل الجسم الكبير المتحرك في العالم وأي صعود أو هبوط لها يؤثر على العالم كله، ومع ذلك فإدارتها السياسية تبقى مرتهنة لمصالحها والتي على ضوئها تحدد المهام..

المنطقة العربية مهمة لها ليس فقط اقتصادياً، وإنما استراتيجياً كموقع تتقاطع عليه القارات، أو كبعد جغرافي وديني كمركز للعالم الإسلامي، لكنها المنطقة الأكثر ارتطاماً مع سياساتها، سواء بوجود إسرائيل كمحرك أساسي لأي تصرف تقوم به، أو لرؤية تاريخية أنها جزء من صدام حضارات قادم، ولذلك لن ننتظر من أوباما حلولاً أو متغيراً جديداً طالما تحكمه سياسة لا ينفرد بنفوذها وحده..

الحماس الذي جرى لاستقبال أوباما في زيارته الأولى لا يقابل بمثله في زيارته الثانية، بل إن خيبة الأمل أكثر، وحتى ما قيل عن تأثره بالإسلام من خلال نشأته ووالده، ليست ذات شأن لأن مقياس العواطف لا يتفق مع السياسات الثابتة التي يرى أوباما أنها الأولى في أي خطوة له..
 

Email