دائرة العنف

ت + ت - الحجم الطبيعي

  تقريبا لا يكاد يمر يومنا دون تسجيل حوادث وأعمال عنف دامية بسبب ودون سبب‏،فما أيسر لجوء  المواطن للأسلحة البيضاء، والمولوتوف، والبنادق الآلية لدى نشوب خلاف مع احد جيرانه وفي الطريق العام.


فالعنف بات لغة الخطاب المعتمدة لدي معظم المصريين، وما أكثر الدلائل المؤكدة لذلك، ويكفي منها معركة شبرا الأخيرة التي سقط فيها ثلاثة قتلي وعشرات المصابين، حينما اختلف صبية علي لعب الكرة، وتبادل أهالي حيي العسال وطوسون الهجمات،وكأننا نتابع فيلما من أفلام الأكشن الأميركية، فضلا عن سحل اللصوص في المحافظات والتمثيل بجثثهم دون مراعاة لأدني القيم والمعايير الإنسانية.


فالمصريون لم يعودوا يؤمنون بقانون سوي قانون اخذ الحق باليد وبالقوة، وهو ما يقود لتوطن داء العنف، مثلما استوطن فيروس أنفلونزا الطيور، وسقطت من حساباتهم واعتباراتهم فكرة الهيبة علي وجه العموم، سواء كانت هيبة الدولة وأجهزتها التنفيذية أو هيبة الكبير، حتي أن بعضنا تحمس بشدة لتكوين لجان شعبية وكيانات بديلة للشرطة، فالجميع يريد فرض معاييره وقوانينه ومنطقه الخاص.


 وإن سمحنا باستمرار هذا الوضع المزري فاقرأ الفاتحة مسبقا على السلام الاجتماعي، وسنجد أنفسنا نغرق في مستنقعات الدماء والتحلل من قيم لطالما تفاخر المصريون بها وبأنها جزء أصيل من تركيبة هذا الشعب، الذي لم يعاصر مثل هذا الانفلات الجامح علي مستوي الفرد والجماعة، بل إنه امتد لحياتنا السياسية والفكرية.


 فلا توجد مساحة شاغرة للحوار والتفاهم والبحث عن حلول يلتقي عند أطرافها المتصارعون والمتخاصمون، ومن واجب الدولة أن تقف وقفة حاسمة حازمة للحد من موجات العنف المتصاعدة،وأن تقوم قوات الأمن بواجبها الأساسي في تأمين الناس وممتلكاتهم، فالإحساس بالأمان منعدم، وهو ما يهيئ المناخ المناسب لاتساع دائرة العنف.
 

 

Email