إسرائيل الحاضرة في الانتخابات الأميركية

ت + ت - الحجم الطبيعي

إسرائيل حاضرة في الضمير الأمريكي، قبل التنافس بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري، وقد تعودنا الوعود بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس كعاصمة لإسرائيل، وهي صيغة لا نجد مثيلاً لها في طرح قضايا مع الحلفاء بالأطلسي، أو أمريكا الشمالية والجنوبية أو آسيا..

أوباما فاز في الدورة الماضية، لأنه جاء كبديل لوجه صار مكروهاً للعالم وجر معه كراهية أمريكا نفسها، وقد ظل «بوش» الابن يفتح المعارك ويتبنى خطاً دينياً مغلفاً بقوة عسكرية وسياسية أدخلتها في حروب واحتلال، وتجاوز لحقوق الإنسان، معتبراً الهيبة الأمريكية بعد أحداث (١١) سبتمبر تقتضي مواجهة العدو في عقر داره، وقطعاً كان أوباما صاحب «الكارزما» والخطيب المفوه، وصاحب الجذور الافريقية، البديل الموضوعي لصاحب النزعة الفاشية التي أغرقت أمريكا بانتكاسات مادية وعسكرية، وأعداد كبيرة من ضحايا الحروب، وشبه الإفلاس الاقتصادي..

فرص أوباما بالفوز فترة ثانية، تخضع لفريق عمله الذي جنده من وجوه حزبه، إلى جانب التعاطف الكبير من السود، لكن الأوضاع الاقتصادية، صار يقاس عليها نجاح أي طرف، ولعل حجم المشكلة تفوق وعود المرشحين من الحزبين طالما البطالة، وتردي الصادرات وارتفاع أسعار الطاقة، إلى جانب الارتباط العضوي بين ما يجري بأمريكا وأوروبا يؤثر عليهما في أي مشكلة، أو موقف، سوف تكون جزءاً من العقبات للاثنين..

المرشح الجمهوري «رومني» لم يخف تعاطفه مع إسرائيل، بالذهاب إليها وطرح رغباتها بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لها، والإعداد لضربة عسكرية على إيران، وكذلك المساعدات العسكرية والمادية، وهذه الاسطوانة عزفت من مرشحين سابقين، الذين نجحوا في الوصول إلى البيت الأبيض أعاقت تنفيذ وعودهم، مشاكل سياسية دولية وداخلية، وكذلك الذين أبدوا تعاطفهم، وتواروا للخلف، لكن إسرائيل هي من يعرف استغلال المناسبات الأمريكية في تحريك مؤيديها للضغط على أي شخصية مهمة سواء قادم للرئاسة، أو عضوية الكونجرس ومجلس الشيوخ، لأن لديها من يكرس آلة المال والإعلام إلى المناصب العليا..

قضية أن أمريكا مرتهنة لإسرائيل أو غيرها، غير صحيح، لأنها تتصرف بروح الدولة العظمى، وقد تكون نظرتها للمتغيرات العالمية، أهم من إسرائيل وصراعها مع دول المنطقة فهي مهمومة بتطور الصين اقتصادياً وتقنياً وعسكرياً، لأنها قطب القوة المزاحم في السنوات القادمة، ونظرتها تنطلق، ليس فقط من المنافسات على الأسواق العالمية، وإنما على المحيط الكوني، ومن لديه القدرة على احتلال الصدارة، وحتى الزعم بأن الصين ستكون البديل عن الاتحاد السوفيتي القديم، فهي ليست مؤدلجة، حتى لو حكمها الحزب الشيوعي، طالما نهجها رأسمالي مرتبط بالعديد من الدول التي نقلت نشاط شركاتها إليها، وقطعاً تأتي أمريكا على رأس المستثمرين الكبار، وكذلك حلفاؤها في أوروبا وآسيا، وأمريكا الشمالية..

ثم هناك الخصومة التقليدية مع روسيا على الترسانات النووية، وقواعد الصواريخ، وبعض مواقع النزاع العالمي، مثل إيران وكوريا الشمالية وسوريا وغيرها والتي تريد روسيا أن يكون لها موقع في هذه الدول، لأسباب تراها جوهرية لسياساتها القادمة..

الانتخابات تمثل الشكل الحقيقي لتطلعات المواطن الأمريكي، والذي يهمه قبل حل القضايا العالمية، تخفيض الضرائب، والحصول على الوظائف والتأمين الصحي، وتحسين الاقتصاد، وهي المطروحة وبقوة بين المتباريين للوصول إلى البيت الأبيض..

Email