خطورة أحداث مالي

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم أن الأزمة في مالي ليست وليدة الأسبوع الماضي الذي شهد أحداثًا متسارعة توجت أكثر من تسعة أشهر من المواجهات والاضطرابات، إلا أن هنالك ما يدعو إلى القلق من توسع واستمرار الحرب في هذا البلد الإفريقي الهام بموقعه الإستراتيجي وثرواته المعدنية لا سيما وأن قوات إفريقية هي الآن في طريقها إلى الانضمام إلى جانب الجيش المالي والقوات الفرنسية مع تواتر الأنباء عن احتمال انضمام قوات من عدة دول أوروبية أخرى إلى القوات الفرنسية.

ما يزيد الأزمة تعقيدًا وغموضًا تعدد الأطراف المتنازعة واختلاف النوايا والأهداف للقوات المقاتلة الموجودة على الأرض الآن، فالطوارق لا يخفون نواياهم وهدفهم في السيطرة والانفصال بشمال البلاد، كما أن هنالك العديد من الجماعات المنبثقة عن تنظيم القاعدة تختلف في توجهاتها لكن يجمعها المشترك الإرهابي مثل جماعة أنصار الدين التي تركز عملياتها داخل مالي وجماعة "الموقعين بالدم" التي لا تلتزم بالعمل داخل مالي، وحيث تعتبرالمسؤولة عن الهجوم الذي تعرضت له المنشأة النفطية في عين أمناس في صحراء الجزائر وأسفر عن مقتل العديد من الرهائن المحتجزين في الموقع منذ يوم الأربعاء الماضي والتي نجحت القوات الجزائرية الخاصة في تحرير المئات منهم. إضافة إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي.

الهجوم الإرهابي على منشأة الغاز الجزائرية يعتبر أحد تداعيات تلك الحرب، وهو مؤشر خطير على مرحلة جديدة تتبلور وتفرض نفسها الآن في منطقة غرب إفريقيا بشكل خاص، ويشكل تحديًا جديدًا للجبهة العالمية في الحرب على الإرهاب، إلى جانب إمكانية امتدادها إلى دول لا تزال تعاني من الهشاشة الأمنية كليًا.

خطورة ما يحدث في مالي الآن وما يمكن أن ينجم عنه من نتائج وتداعيات لا ينحصر في تلك المنطقة الحساسة وسيناريوهات استئناف تنظيم القاعدة لأنشطته الإرهابية في بلدان المغرب العربي، وإنما أيضًا في تأثيراته غير المباشرة على أمن واستقرار المنطقة بأسرها، من خلال نقل اهتمامات العالم بتطورات الأحداث الخطيرة في سوريا وتطورات الملف النووي الإيراني إلى بؤرة ارتطامية جديدة في مالي توفر الفرصة للنظامين الإيراني والسوري تحقيق ما عجزتا عن تحقيقه حتى الآن.

Email