المشاركة‏..‏ هي الحل‏!‏

ت + ت - الحجم الطبيعي

سواء صوتت أغلبية المصريين اليوم بنعم أو لا علي مشروع الدستور الجديد‏,‏ فإن في عملية التصويت نفسها مكسبا عظيما‏.

هو إحساس المواطنين بأنهم هم من يصنعون مستقبلهم بأنفسهم, ولا أحد يفرض عليهم كيف يختارون, أو ماذا يختارون. إن الاختيار في حد ذاته عملية مهمة جدا, وهي تبدو للشعوب الحديثة في الديمقراطية عملية صعبة, لكنها ضرورية للغاية. نحن كمصريين يجب من الآن فصاعدا أن نشارك في كل القرارات المتعلقة بحياتنا, كبيرها وصغيرها, وكلمة عملية في حد ذاتها تعني أن هناك تراكما يتحقق, وخبرات تكتسب, ومهارات يتم تعلمها, والديمقراطية الحقة هي مجموعة من العمليات, علينا خوضها كلها لكي نصبح ديمقراطيين.
وربما يفضل البعض المكوث في منازلهم, وهذا قرار خاطئ, لأنهم يبعدون أنفسهم عن عملية تعلم الديمقراطية, وعن آليات المشاركة. إن الديمقراطية تشبه الكائن الحي, تبدأ وليدة, ثم تمر بمراحل النمو المعروفة: الطفولة, والمراهقة, والشباب, ثم الاكتمال, وما لم يظل الشعب محافظا علي هذا الكائن الحي من خلال المشاركة السياسية المستمرة ـ فإن هذا الكائن الحي الديمقراطية سوف يموت, ومن ثم تموت ـ لا قدر الله ـ الثورة التي دفعنا دماء عزيزة من أجلها.
إن المشهد الراهن تبدو فيه مجموعتان فقط هما اللتان تسيطران علي المشاركة, الإسلاميون من جانب, والليبراليون من جانب آخر, فإذا سألت غالبية الناس عن رأيهم قالوا لك: والله لا نعرف! وتلك هي خطيئة الخطايا. إننا نترك لشخص واحد, أو لمجموعات محدودة.. قيادتنا وتوجيهنا, ولم لا والساحة مفتوحة أمامهم علي اتساعها لأننا لم نشارك, بينما لو شاركنا فإنهم سيتراجعون إلي خلف الصفوف ليفرض ما يسمي التوافق العام نفسه, وهذا التوافق هو المعبر الحقيقي عن جموع الناس في بر مصر, وبدون المشاركة لا ديمقراطية حقيقية, ومن هنا تتوافر التربة الملائمة لنمو بذرة الاستبداد والتحكم والديكتاتورية, وما استبد بنا حكامنا السابقون إلا لأنهم وجدونا متكاسلين متقاعسين, كافين خيرنا شرنا, وملتزمين الكنبة الدافئة, مرددين: وأنا مالي! وهذا ما ينبغي أن يتوقف فورا, اذهب أرجوك, وقل ما شئت, المهم أن تشارك!

Email