الحرية أول مبادئ الديمقراطية

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن مرحلة التحول الديمقراطي‏,‏ التي كنا نحلم بها تتحول تدريجيا الآن الي حالة من الكابوس السياسي الذي ينذر بمخاطر كبري: قرارات خاطئة, وفهم خاطيء, وردود فعل خاطئة.

وشهدنا ـ وللأسف الشديد ـ أن كل فريق يدعي أنه صاحب الرأي الصائب, ونصب نفسه إماما, وزعم أن مذهبه هو الأصدق والأولي بأن يتبع, فلا يسمع, ولايري إلا نفسه, ومن هنا اشتدت الخلافات فيما بيننا مع أننا كلنا مصريون.

إن الوضع الحالي في مصر مزعج, والتطورات المتسارعة التي وقعت في الأيام القليلة الماضية مقلقة, ولا تعد بالخير, وتهدد بالانصراف عن القضايا المهمة في البلاد مثل القضايا الاقتصادية والمجتمعية, بل أدت الي انقسام الوطن إلي مؤيدين للشريعة الاسلامية في مقابل قوي وطنية تؤيد الشريعة وتؤمن بها, ولكن يتم تصويرها علي أنها معادية لشرع الله, وذلك استمرارا لتزييف الارادة الوطنية, والتطبيل للشعب المؤمن والمتدين بطبيعته, والاستمرار في نهج توظيف الدين لأغراض سياسية دنيوية. ولا يمكن الخروج من المأزق السياسي الذي تشهده الساحة السياسية المصرية حاليا إلا بالهدوء, والنقاش بين كل الأطراف, ذلك أن الغوغاء الحالية تزيد الاحتقان, وتهز الاقتصاد, وتقضي علي السياحة قضاء كاملا وفي ذلك ضرر جسيم.

وقضايا مصيرية مثل سلطات الحاكم ودستور الأمة تتطلب درجة عالية من الاجماع الوطني كما تقتضي الترفع عن الالتزام او الانضباط الحزبي لصالح أعلي مستويات المسئولية الوطنية والالتزام القومي.

فالوطن قبل الحزب, والشعب فوق الجماعة, والمصلحة الوطنية هي البوصلة الهادية للجميع, والتراضي الشعبي خاصة بعد ثورة شعبية عظيمة أسقطت النظام السابق أمر يجب التعامل معه بجدية, لترسيخ مبدأ الشوري, واحتواء المعارضين, والاهتمام بهم أكثر من المؤيدين.

فربما يكون الرأي المعارض هو الرأي الصائب الذي يجب الأخذ به.

إن العودة الي مرحلة ما بعد اصدار الاعلان الدستوري الأخير هي التي تؤهل لبداية النقاش بين شريحة واسعة من ممثلي الفكر في الوطن, فالديمقراطية تزدهر في الحكم المدني, ولابد أن يسمح الحكم بحرية التعبير مهما تكن اللغة او الظروف, والحرية هي أول مبادئ الديمقراطية.


 

Email