ما بعد التهدئة في غزة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

نجاح جهود مصر في التوصل لاتفاق التهدئة في غزة‏، التي تعرضت لهجوم إسرائيلي وحشي طوال الأيام الماضية‏ يؤكد أنه لا غني عن الدور المصري في هذه المنطقة الملتهبة، وأن القاهرة ستبقي البوابة الرئيسية للمساعي الصادقة الهادفة لإقرار السلام والأمن، ومساعدة الإخوة الفلسطينيين في الحصول علي حقهم المشروع والمستحق بإقامة دولة مستقلة تتمتع بكل مقومات وأسباب الحياة والسيادة الحقيقية،والتحرر من الاحتلال الإسرائيلي البغيض الجاثم علي صدورهم.


ولن تكتمل الفرحة بالتهدئة في غزة بدون البناء علي هذه الخطوة المهمة بخطوات أخري تسمح بصمودها على الأرض كمقدمة تمهد لبلوغ غاية إيجاد حل نهائي واقعي للمشكلة الفلسطينية الباحثة عن طوق نجاة ينهي معاناة الفلسطينيين المتزايدة داخل إسرائيل والأراضي المحتلة.


فالطرفان الفلسطيني والإسرائيلي مطالبان باتخاذ قرارات جريئة خلال الساعات القليلة المقبلة، فعلي إسرائيل التوقف عن تنفيذ المزيد من عمليات اغتيال قيادات حركة حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية، لأنه ثبت بالدليل العملي أنها سياسة فاشلة وتقود لموجات لا تنتهي من العنف للثأر للشهداء الذين قتلوا خلالها.


عليها أيضا أن تفهم أن القوة العسكرية لن تحقق لها الأمن، وأن قدراتها العسكرية فائقة التقدم التي تتباهي بها صباح مساء لم تمنع صواريخ حماس من الوصول لقلب تل أبيب وغيرها من المدن والبلدات الإسرائيلية، وأن السبيل الوحيد لفوزها بالأمن وراحة البال هو استئناف مفاوضات السلام مع الجانب الفلسطيني, وأن يطرح علي طاولتها كل الملفات المعقدة الشائكة الخاصة بالتسوية النهائية،بالإضافة إلى رفع الحصار الجائر المفروض علي غزة منذ سنوات طويلة.


من جهتهم, فإن الفلسطينيين أمامهم فرصة ذهبية سانحة عليهم اقتناصها وعدم التفريط فيها لتحقيق المصالحة الوطنية, فلا مجال للعبث والاختلاف وتقسيم الشعب الفلسطيني ما بين شطري غزة ورام الله، وحكومة مقالة في القطاع وثانية عاملة في رام الله، فالشرعية لا تتجزأ ويجب أن تكون كتلة متماسكة، فإسرائيل المستفيد الأكبر من تشرذم الفلسطينيين، وعليهم إدراك أن مقاومتهم للاحتلال ستظل منقوصة ومحدودة التأثير طالما ظلوا منقسمين.
 

Email