انحياز أعمى

ت + ت - الحجم الطبيعي

التقاليد الدولية في إدارة المؤتمرات العالمية تقضي باحترام الكلمات التي يلقيها الزعماء المشاركون وعدم تحريفها أو تحويرها أو إعطائها أبعادا غير الأبعاد المقصودة أو الإيحاء بأي معانٍ لم يقصدها الرئيس المعين لأي سبب من الأسباب ولأي دافعٍ من الدوافع .. هذا هو العرف المتبع والمعروف في هكذا مناسبات.
 لكن ما الذي جرى لكلمة الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي في قمة عدم الانحياز في طهران من قبل المترجم الفوري؟ لقد ترجم إلى الفارسية انتقاد الرئيس المصري لتصرفات وممارسات النظام السوري القمعية وأن نظام بشار فقد شرعيته وحول الجملة إلى مملكة البحرين الشقيقة دون حياء أو خجل وفي مفارقة واضحة للمصداقية ولكي لا يصل الموقف المصري المجمع عليه عربيا واسلاميا إلى أسماع الشعب الإيراني لينتبه إلى أن حكومته تقف فى المعسكر الخاطئ وتسند نظاما ولغ في دماء الشعب السوري وفتك به مشردا أطفاله ونساءه وشيوخه ومدمرا مدنه وقراه عبر آلة عسكرية وحشية وإسناد من طهران.
 وإذا كان خطاب مرسى قد أطلقها داوية في طهران بضرورة مساندة المعارضة الإيرانية المسلحة في سوريا فإن هذا الموقف ليس غريبا بل يأتي منسجما مع ميثاق قمة التضامن الإسلامي في مكة المكرمة التي عقدت مؤخرا ورفضت وحشية نظام بشار وأعلنت عن مساندتها للشعب السوري وضرورة رحيل النظام.
لقد تحججت إيران بأن القضية السورية ليس محلها "القمة" في حين أن ركائز "عدم الانحياز" تقوم على مناصرة الشعوب المقهورة والشعب السوري تمارس عليه كل أنواع القمع ومقهور من قبل بشار وشبيحته وجيشه وترفض إيران رؤية كل ذلك أو دعم هذه القضية العادلة لغرض في نفسها يتماشى مع مخططاتها وأهدافها وتسعى لبقاء الأسد مهما كلف الأمر ومهما أسال من دماء السوريين.
وكان على الأجهزة الإيرانية ألا تتدخل في كلمة الرئيس المصري وألا تتلاعب في تفاصيلها لأن ذلك نوع من الكذب وعدم المصداقية ومحاولة للفبركة والتضليل سرعان ما تكتشف لأن كلمة مرسى كانت على الهواء مباشرة لذا لا يمكن تزويرها أو تزييفها .. وملخص القول إن طهران تفقد بمثل هذه التصرفات مصداقيتها كما أنها لن تمرر خططها أو برامجها ويعتبر ما قامت به انحيازا أعمى للشر الأسدي.

Email