تحولت الساحة الرياضية فجأة إلى مساحة مفتوحة للنقد والمحاسبة بلا ضوابط، الكل يتحدث في كل قضية، حتى من لا يعرف تفاصيلها ولا تربطه بها أي علاقة، المهم أن يقال «أنا هنا». فقد فتحت المواقع و«القروبات» أبوابها للجميع، وأصبح معظم الرياضيين متنقلين بين أكثر من مجموعة، بحكم المعرفة أو المجاملة، ليقرؤوا كل ما يُطرح في الوسط الرياضي.
وبينما نجد «قروبات» راقية تطرح آراء مفيدة وعاقلة، تنتشر أخرى خرجت عن المألوف، يتصدرها الاستعراض وحب الظهور، ويلعب البعض بالنار أو يضرب من تحت الحزام، فتصبح الساحة بيئة خصبة للتجريح وتعكير النفوس. ومن يتابع «السوشيال ميديا» يلمس درجة التعصب والاحتقان التي أبعدت الكثيرين عن الروح الرياضية، وأثرت في علاقات الناس بسبب نتائج المباريات.
نتمنى أن تختفي هذه الأساليب الدخيلة على مجتمعنا، فالتواصل الإنساني قيمة جميلة، ولا نريد أن نرفع ضغط بعضنا البعض بكلمات لا داعي لها. «حبّوا بعضكم»، فالعقلاء يصابون بالإحباط مما يقرؤون. ونوجّه الدعوة للجميع لوضع حد لهذه الظاهرة، فالرياضة فوز وخسارة وأخلاق قبل أن تكون بطولة أو نتيجة.
الساحة الرياضية يجب أن تبقى مساحة نقية، نراجع فيها أنفسنا قبل أن ننتقد الآخرين. غير أن «الواتساب» أصبح مسرحاً للفوضى، يسيطر على العقول ويغذي الانفعالات، والحياة لا تتوقف عند أشخاص أو آراء عابرة، فكلنا زائلون وتبقى فقط القيم التي نخدم بها مجتمعنا.
ونحذر اليوم من ظاهرة جديدة لا تقل خطورة، وهي الاستخدام السيئ للذكاء الاصطناعي، حتى بات الناس لا يعرفون من يصدقون في خضم هذه الفوضى..
والله من وراء القصد