كتابة العمود الصحافي ليست مهمة عادية، كما يظن البعض، بل هي من أصعب أنواع الكتابة الصحافية وأكثرها حساسية، لأنها تمثل خلاصة التجربة والموقف والرؤية. فالكاتب حين يعتلي منصة الرأي، يكون قد وصل إلى قمة السلم المهني، بعد سنوات من الممارسة والاحتكاك والاطلاع، تؤهله لأن يقول كلمته بثقة ومسؤولية.
ولذلك، ليس كل من كتب زاوية، يمكن أن يُعد كاتب رأي. فهناك مقالات تفتقر إلى العمق أو الفكرة، تُكتب فقط لمجرد الوجود أو المجاملة، دون أن تضيف شيئاً إلى القارئ، أو للمشهد الإعلامي والرياضي.
تجربتنا اليومية في متابعة الصحافة، تكشف عن كفاءات وطنية وعربية، تمتلك أدوات الكتابة الحقيقية، أسلوباً، ولغة، وثقافة، وحرفنة في طرح الأفكار، خصوصاً في المجال الرياضي، الذي يتطلب وعياً مضاعفاً ودقة في التعبير.
وقد عرفت الساحة أسماء كان لها حضور مؤثر في تناول القضايا الرياضية والمجتمعية، لأنها تعرف الواقع، وتفهم هموم الناس، وتكتب من قلب التجربة.
ولعل أجمل ما نلاحظه اليوم، أن بعض الكتابات التي تظهر في المنتديات أو وسائل التواصل الاجتماعي، تفوقت أحياناً على مقالات كتاب محترفين، لما فيها من صدق وبساطة وجرأة.
ما زالت هناك أقلام تحمل الفكر والرؤية، تكتب بوعي ومسؤولية، وتعرف قيمة الكلمة وأثرها، هؤلاء من يستحقون الاحترام، لأنهم لم يجعلوا من العمود منبراً للتنظير أو التجميل، بل مساحة لنقدٍ بنّاء وفكرٍ مسؤول.
كتّاب الرأي الحقيقيون لا يكتبون بحثاً عن الضوء، بل يحملون همّ المهنة والمجتمع، ويطرحون قضاياهم بجرأة ومصداقية، بعيداً عن النرجسية والمصالح الآنية. أما من يكتبون بلا موقف أو مضمون، فهم مجرد عابرين في عالم الصحافة.
الخبرة، والوعي، والنضج الفكري، هي عناصر لا بد أن يمتلكها كل من يتصدى للكتابة في الشأن الرياضي، لأنها ليست لعبة كلمات، بل مسؤولية تجاه الحقيقة والناس.
فالكلمة مسؤولية، ومن يعرف قيمتها... يعرف واجبه قبل أن يكتب.. والله من وراء القصد