الذاكرة والوفاء

في زمن قل فيه الوفاء في الساحة الرياضية، بعد أن طغت العولمة وتداخلت المصالح، وازداد للأسف الشديد زمن النفاق والتسلق على أكتاف الآخرين، أصبح من الصعب أن نميز الحقيقة من الزيف في واقعنا الحالي.

اليوم، وفي منطقة جميرا بدبي، وخلال الجلسة الأسبوعية بمناسبة الاحتفال بـ«عام المجتمع»، تتكرر المشاهد الجميلة في الصالون الأدبي للدكتور إبراهيم كلداري، الذي اعتاد أن يطرح فيه مختلف القضايا الاجتماعية والثقافية والإعلامية والرياضية. وضيف اللقاء اليوم قاسم سلطان، الشخصية الرياضية المخضرمة التي عاشت تجارب متعددة كلاعب وإداري ومسؤول.

لقد كرس قاسم سلطان حياته في خدمة الرياضة، وتدرج في المناصب حتى تولى إدارة سفينة «الفرسان» لسنوات طويلة تجاوزت ربع قرن، نجح خلالها في أن يرفع مكانة النادي الكبير بين أندية الدولة، من خلال مسيرة حافلة بالإنجازات والبطولات، منذ تأسيس قلعة «الأهلي» عام 1970، والتي تُعرف اليوم بمسماها الجديد «شباب الأهلي».

ورغم ابتعاده عن مجلس إدارة النادي منذ أكثر من ثمانية عشر عاماً، إلا أنه ظل حريصاً على التواجد بشكل شبه يومي داخل جدرانه، وتحديداً في «مبنى السعادة»، حيث يستعيد مع رفاق دربه شريط الذكريات، ويرسمون معاً لوحة جميلة تجسد روح الوفاء والانتماء. ويبقى «قاسم» القاسم المشترك في هذه اللقاءات، وأخاً أكبر للجميع.

ولم يصل «بوصلاح» إلى ما وصل إليه إلا عبر مسيرة حافلة بالعطاء والتفاني والإخلاص، منذ ريعان شبابه، إذ ربط حياته الشخصية بالعمل الإداري الرياضي، وظل متواصلاً مع الأجيال التي عاصرها، فكان النجاح ثمرة طبيعية لمسيرته.

حقاً، ما أروع الوفاء، خصوصاً إذا جاء من أبناء الوطن المخلصين. فالتاريخ الرياضي سيكتب في صفحاته الشكر والتقدير لكل من أعطى وبذل بإخلاص، لأن الوفاء للرواد ليس مجرد تذكر، بل هو رسالة نستمد منها الإلهام، وواجب علينا تجاه من صنعوا المجد وأسسوا لمسيرة نفاخر بها الأجيال.

والله من وراء القصد