من لا يحفظ ماضيه فلن يصون مستقبله؛ ومن هذا المنطلق تتجدد الحاجة إلى تدوين الأحداث وحفظ التواريخ والأسماء واللحظات الفريدة التي صنعت ذاكرة الوطن.
في أمسية جميلة، تزامنت مع «عام المجتمع»، احتضن مجلس البروفيسور إبراهيم كلداري عرضاً خاصاً قدمه فريد القُرْق، حمل معه صوراً تاريخية نادرة عن مدينة دبي، التقطها بعدسته في أواخر الخمسينات، صور جسدت مراحل التطور والازدهار منذ ذلك الوقت حتى أصبحت دبي اليوم دانة الشرق الأوسط ولؤلؤته، بفضل الله وقيادتها الحكيمة.
القرق لم يكتفِ بالعرض، بل كان يسرد قصة كل صورة، يربطها بالزمن والوجوه والأحداث، ومن بين ما شدّني صور رياضية التُقطت أمام ساحة زعبيل، المقابلة لقصر الحكم، حيث ظهر أبناء الوطن من طلبة مدرسة الشعب مع أساتذتهم (صدقي وقدورة) في لقطة جماعية لفريقَي القدم والطائرة، والمفارقة أن بعض من ظهروا في الصورة أصبحوا اليوم قيادات ورجالات دولة تبوأوا المناصب العليا، يخدمون الوطن كلٌّ في موقعه.
هذا الجهد جعل «بوعبدالله» يرفع شعاراً صادقاً: «كي لا يضيع تاريخنا».
فأكثر من سبعين عاماً مرّت، بأحداثها ومحطاتها وأسمائها الكبيرة التي لمعت، لكن القلّة القليلة تعرف تفاصيل ذلك الزمن الجميل. لذلك، أخذ على عاتقه كتابة «سيرة الصور» الفريدة، حتى لا يضيع تاريخنا، ومنه الرياضي، في زحمة الحاضر.
إن ما يقوم به فريد القُرق ليس مجرد جهد فردي، بل مشروع وطني يستحق أن تتحول فكرته إلى مبادرة قومية، وأناشد الجهات المعنية أن تضع هذا الأمر بعين الاعتبار، لما له من أهمية قصوى في إبراز تاريخنا وثقافتنا، وترميم ما يتهدده الضياع، فالواجب يفرض تفعيل التوثيق وتأسيس قاعدة بيانات ومعلومات تدعم مشروعات وخطط النهضة الشاملة في دولتنا.
وجميل أن نسمع بين فترة وأخرى عن مبادرات وندوات لتوثيق التاريخ بالصورة والصوت، لكن الأجمل أن تتحول هذه الجهود المتفرقة إلى استراتيجية وطنية متكاملة تحفظ لنا الذاكرة وتورثها للأجيال القادمة.. والله من وراء القصد.