الثقافة خرجت ولم تعد!

ت + ت - الحجم الطبيعي

اقتربنا من نهاية الشهر الكريم، أعاده الله علينا بالخير والبركات، وقد تعودنا قبل الاحتراف الكروي، بدور إيجابي للأندية من خلال تقديم العديد من المبادرات الإنسانية الثقافية المجتمعية، حيث تميزت تلك الحقبة بعمل ندوات ثقافية، ومسابقات بين أعضاء النادي الواحد. اليوم، اختفت تماماً، ولم يعد لها شيء يذكر، بل إن اللجان الثقافية تم إلغاء غالبيتها، وأصبح مشرفوها في الشوارع يبحثون عن عمل لهم، بعد أن استغنت الأندية عنهم، ولم تعد هناك حاجة للثقافة في الأندية، ما يدعو للعجب!!

إذا عُدنا بالذاكرة، وتحديداً منتصف الستينيات، سنجد أن الثقافة لازمت الرياضة باستمرار، فالأندية الرياضية في مجملها، وتحديداً في معظم الإمارات، كان يُطلق عليها اسم (النادي..الرياضي الثقافي)، بمعنى أن كلمة الثقافي كانت تسبق الرياضي على لافتات الكثير منها. هذا الأمر يعني أنها كانت تقوم بدور أكبر من ممارسة الألعاب الرياضية.

وارتبطت فكرة إنشاء الأندية، بحاجة المجتمع النامي في ذلك الوقت، إلى ما يُشبه (المنتديات الاجتماعية)، حيث كانت هي أماكن يلتقي فيها الناس لممارسة مختلف أنواع الرياضة، وخصوصاً الكرة، التي كانت هي الأهم في تلك الفترة، ففي الجانب الاجتماعي، تلاحظ أن النادي كان ملتقى للناس، فهو أيضاً مكان لممارسة بعض الألعاب ذات الصفة الاجتماعية، وفي ذلك الزمن، برز الدور الثقافي للأندية بشكل واضح، بسبب عدم وجود المؤسسات الثقافية الأخرى، على نحو ما نراه اليوم، وبالتالي، عوّضت الأندية ذلك النقص في تلك المؤسسات، وقامت بالدور الثقافي اللازم، ولا بُدّ من الإشارة إلى نقطة مهمة، وهي أن مؤسسي تلك الأندية، كانوا يمتلكون الرؤية على أن النادي ليس مجرد مكان لممارسة الرياضة، بل يجب أن يكون مكاناً للتوعية والتثقيف، وممارسة الهوايات الثقافية.

عليه، كان في كل نادٍ لجان ثقافية، إضافة إلى اللجان الرياضية، بل إن رجال الثقافة اليوم، الذين نراهم في الساحة متألقين، تخرجوا في الأندية الرياضية رياضيين، وأصبحوا من رواد العلم الفكر والثقافة، وانطلقوا من بين جدران الأندية، حيث كانت مكان جذب للمواهب المختلفة، وكانت الساحة تتمتع بالخبرات بمختلف ميولهم، حتى أتذكر أنه في فترة القصيرة الماضية، كانت هناك مسابقات ثقافية تجرى بين الأندية، نظمها المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وكان التفوق دائماً للأندية الصغيرة، لأنها كانت تهتم بهذا القطاع الحيوي في المجتمع، ولكن مع سرعة التنافس، والجنون الكروي، للأسف، تحولت الأندية اليوم إلى صندوق دفع أموال للاعبي الكرة المحترفين، الذين أكلوا الأخضر واليابس، فالثقافة في الأندية، خرجت ولم تعد!! ورمضان كريم

Email