مارس الصيد بعمر الـ12 وفي الـ25 تعلّم فنونه

الشيخ زايد.. الصقّــار الأول عاشق التراث

ت + ت - الحجم الطبيعي

أيام المؤسس 02

ارتبط المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، برياضة الصيد بالصقور منذ البدايات الأولى والنشأة المبكرة، وكان خبيراً بفنونها وأصولها.

ومرجعاً مهماً في تاريخها وما يتعلق بها من معلومات، وكان ارتباط المؤسس الأول الوثيق بتراث وطنه، وإدراكه العميق لأهمية الحفاظ عليه وإحيائه، من أبرز السمات التي تتمتع بها شخصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إذ كان حريصاً على أن تظل مفردات التراث حاضرة في المجتمع الإماراتي، خصوصاً تلك التي ترتبط بعادات وتقاليد وآداب متوارثة عن الآباء والأجداد.

في عمر الـ12 وبالتحديد في عام 1930، بدأ الشيخ زايد ممارسة رياضة الصيد بالصقور، وتعلق بها منذ الوهلة الأولى، وكان يحب الصيد كثيراً، ويخرج في رحلات مع من هم أكبر منه سناً ليتعلم منهم، وكان يصيد بالبندقية، وعندما بلغ الـ16، كان قد تعلّم الصيد بالصقور باحترافية، وشرع في استخدام البندقية والصقر، ونجح في الاثنين بتميز ومهارة.

في عام 1943، عندما بلغ المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من العمر الـ25، تعلّم أصول الصيد وفنونه، في هذا الوقت فضّل الصيد بالصقر، وأقلع عن استخدام البندقية، وكان لهذا التحول سبب في نفسه، فذات يوم كما يقول: «ذهبت لرحلة صيد في البراري، وكانت الطرائد قطيعاً وافراً من الظباء، يملأ المكان من كل ناحية، فجعلت أطارد الظباء وأرميها.

وبعد نحو ثلاث ساعات قمت أعد ما رميته من الظباء فوجدتها 14 ظبياً، عندئذٍ فكرت في الأمر طويلاً، وأحسست أن الصيد بالبندقية إنما هو حملة على الحيوان، وسبب سريع يؤدي إلى انقراضه، فعدلت عن هذا الأمر، واكتفيت بالصيد بالصقر».

كما أن اهتمام المغفور له الشيخ زايد بالصيد بالصقور له جانب آخر يصب في حرصه الشديد كحاكم على الاطلاع على ما يدور في بلده، والاقتراب من كل فئات المجتمع والاستماع لهم مباشرة، وهو ما يوضحه في كتاب «رياضة الصيد بالصقور»: «شيء آخر مهم جداً أغراني بحب هذه الرياضة، ذلك أنها رياضة جماعية أكثر من كل أنواع الرياضات الأخرى.

فرحلة الصيد بالصقر تضم مجموعة من الرجال لا تزيد على 60 شخصاً، ولا تقل عن 10 أشخاص، وتكون الرحلة الطويلة أحياناً لا تقل عن أسبوع أو أكثر، وهؤلاء الرجال بينهم الملك أو الحاكم أو الأمير، ومنهم التاجر الكبير، ومنهم أيضاً الرجل العادي، ولكن جمع بينهم حب الهواية والألفة والرغبة في التمتع بالقنص.

واختلاط هذه المجموعة من الناس بعضهم ببعض، ثم اختلاطهم بولي الأمر الذي معهم، سواء كان ملكاً أو حاكماً أو أميراً، ومجالسته لهم ومعايشته اليومية معهم، يأكلون من طعام واحد، ويشربون ويتحركون معاً في كل مكان.

هذا الاختلاط يتيح لكل فرد من أفراد المجموعة أن يتكلم بما يريد، ويعبّر عن أفكاره وخواطره دون تكلف أو قيود، فيتاح للمسؤول أن يتعرف إلى رغبات شعبه، ويدرك ما يجول في نفوسهم، ويقف على حقيقة آرائهم فيحيط بها، ويبادر إلى إصلاح شأن الناس عن دراية وفهم، وعن معرفة صادقة وعميقة بأحوال الناس».

 

خصال طيبة

وتابع الوالد المؤسس: «في رحلات القنص هذه تبدو الطباع على حقيقتها، فتظهر السجايا النبيلة والخصال الطيبة والأخلاق الحميدة، كما تظهر الطباع السيئة والأخلاق الرديئة، فيكون هذا الاختلاط في رحلات القنص مجالاً واسعاً لاختبار الرجال وتمييز الطيّب عن غيره من الناس، يضاف إلى ذلك ما يجنيه القانص من الرياضة النفسية والبدنية والأنس الذي لا ينسى، الصيد بالصقور من أهم الرياضات العربية في منطقة الخليج العربي.

ولها قواعدها وأصولها في التدريب التي تختلف عن التدريب بالغرب، والتدريب معناه تأنيس الطير الجارح وتحويله إلى طير أليف مطيع لمدربه، وتعليمه كيف يصيد وهو أمر ليس سهلاً، فهي رحلة شاقة تحتاج من المدرب إلى الصبر والحنكة، والرفق في معاملة الصقر حتى يصل إلى الغاية المنشودة».

 

 

Email