قانون المزرعة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ماذا ينقص الساحة الرياضية في رأيكم؟ فهي خياري الوحيد، وأعرف وأعلم فيها بشكل محدود، ولا أدّعي المعرفة، ولكنها تجربة عشتها لا بأس بها، وهذه التجربة الطويلة، أعتقد أنها كافية للحكم على كثير من المواقف والمشاهد، فعندما أقترب من الستين من عمري، أطال الله في أعماركم جميعاً، لذا أجد لزاماً، أن نبين خلاصة تجربتنا في هذا المجال، وتحديداً الصحافة والكتابة، وبالذات الرأي، الذي يعتبر أحد أهم المؤشرات، لمعرفة قياس الرأي العام، (نبض الشارع الرياضي) في المجتمع، فماذا نريد؟ وأقول الرد باختصار: إننا في حاجة ماسة إلى إداريين، يكونون إضافة جديدة متميزة، في المشهد الرياضي، يتمتعون بقرارات وجرأة المبادرات، لا يفرقون بين نادٍ وآخر، ينفضون الغبار، يعالجون أوضاع الأندية، ويقدمون المبادرات تلو الأخرى، لكي يعم الخير والفائدة للجميع، ويجمعون الرياضيين من رؤساء الاتحادات والأندية بمختلف الأطياف والألوان، ويُفعّلون الاتفاقيات، ويحركون المياه الراكدة، ويُفعّلون دور المؤسسات وينشطون البرامج والمبادرات الوطنية، ينصتون كثيراً، ويستمعون لجميع وجهات النظر، دون محاباة، ثم يصدرون القرارات، نريد رجلاً إدارياً كفؤاً، يعمل ويقدم نموذجاً للعمل الإداري الرياضي «يعطي لمؤسسته ولا ينتظر أن تعطيه».

ولن يظهر لنا هذا الإداري المتميز، إلا من خلال الأخلاق الحميدة أولاً، وهي المادة التي صدرت بتوجهات عليا، لتدريسها للتلاميذ والطلبة، فالأخلاق، تمثل أهم القيم في الحياة البشرية لكل المجتمعات، وهي أهم مقومات أي حضارة أو مؤسسة، خاصة أن الميثاق الأولمبي ينص عليها بقوة، ونقصد هنا، أخلاقيات الإدارة، التي تمثل مجموعة الأسس، التي يجب على الرئيس أو المدير أو المسؤول الأخذ بها، والسير بها نحو تطوير هذه المجموعة، التي تعمل تحت مظلته وإدارته، حتى ينعكس بالشكل الصحيح، الذي نسعى إليه ونطلبه، من داخل هذه المجوعة المختلفة، كل حسب موقعه، سواء في الهيئة أو الاتحاد أو النادي أو اللجنة أو الجمعية أو كل المنظمات الإدارية الرياضية، وباختصار كل من له علاقة بهذه المنظومة، بشرط أن يتسم عملنا ودورنا بالصدق، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وعدم تجاوز اللوائح والأنظمة.

وقد قرأت ما ذكره علماء الإدارة منهم ستيفن كوفي، الذي قال: «إن كل شيء في الحياة متوقف على قانون المزرعة، بحيث تحرث الأرض ثم تزرع وتسقي الحرث، ثم تزيل كل الحشائش الضارة حتى يخرج وينمو الزرع في جو صحي سليم»، وهذا ينطبق على كل شيء في الحياة تقريباً، ونخص الساحة الرياضية، فلو وضعت رجلاً لا يستحق الإدارة وأعطيته مسؤولية كبيرة، فسيضيعها بكل تأكيد، فالحقيقة الثابتة هي أن العلاقات الاجتماعية الجيدة، تُبنى على المبادئ، خصوصاً مبدأ الثقة المتبادلة التي تنمو، كلما أصبحت مصدراً للثقة، فالصحافي إذا ضاعت الثقة بينه وبين المصدر، فإنه يدمر ويخرب كل شيء، وسوف نخسر، فالثقة هي التي تسهم وتنجح المهمة في مجالنا الرياضي، والمصدر عندما يراك صديقاً مقرباً، ثق بأنه سيعطيك كل الأسرار والخفايا، لأنه يثق بك، والعكس صحيح، فالعلاقة بين الإدارة والأخلاق، واحدة من أهم الشروط الواجب الالتزام بها، ووفق مبادئ الحب والتسامح والصدق وصباح الخير.. والله من وراء القصد.

Email