مباراة استثنائية!!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في زاوية الأمس، كتبت عن غياب الحكماء في الرياضة، وقد تذكرت الأمير الراحل فيصل بن فهد طيب الله ثراه، لما له من مواقف عربية، صعب أن تنسى من الذاكرة، وأحمد الله، أنني مازلت أتذكر وأكتب، واليوم، العين مسلطة على مدينة البصرة، حيث العلاقات السعودية العراقية، التي تأخذ منعطفاً مهماً بنكهة رياضية سياسية، مع استضافة محافظة البصرة، الليلة، مباراة ودية تاريخية في كرة القدم، تجمع بين منتخبي البلدين، في أول زيارة لـ «الأخضر» السعودي الى بلاد الرافدين، منذ نحو 40 عاماً.

وتعود آخر مباراة لعبها على الأراضي العراقية إلى العام 1979، عندما شارك في بطولة كأس الخليج، التي استضافتها العاصمة بغداد، وفازت بها العراق، بقيادة عمو بابا، وجاءت الكويت وصيفة والسعودية ثالثة، والتي جرت وقتها أيام الرئيس الأسبق أحمد حسن البكر، بينما كان صدام حسين نائباً للرئيس، رحم الله الاثنين، وكان «بوعدي» هو الآمر الناهي، وأخذت الدورة، بعداً سياسياً كبيراً على صعيد المنطقة العربية، لأنها جاءت، خلال اتفاقية «كامب ديفيد» الشهيرة، وفيها من الحكايات، التي تناولتها في آخر إصدار لي «شيبتني كأس الخليج»، وتناولت فيها هذه الأسرار والحكايات التي جرت في «خليجي 5».

ومباراة اليوم التاريخية، تأتي ضمن استعدادات الأشقاء السعوديين لكأس العالم في روسيا الصيف المقبل، وتشكل جزءاً من مسار تصاعدي، في التقارب السياسي بين البلدين أخيراً، وهذا يرجع إلى حكمة الأشقاء في البلدين، فالتقارب مع عراق الحضارة، كان يفترض منذ زمن بعيد، واليوم تلعب الرياضة، دورها الطبيعي في مثل هذه المواقف، وهذه كانت سمة الحكماء زمان، ونفتقدها رياضياً اليوم!!.

وبعد قطيعة رياضية طويلة، بدأت في تسعينيات القرن الماضي، بسبب التوترات السياسية، تلعب الكرة اليوم بعداً آخر، ولا شك أن تواجد المنتخب السعودي في البصرة له في طياته العديد من السمات الجيدة، حيث نسعى جميعاً، إلى أن تعود الكرة العراقية لسابق عهدها، ويرفع عنها الحظر المفروض عليها من (الفيفا)، وتستضيف مجدداً المباريات الدولية الرسمية، داعياً المولى، أن تتحسن الأوضاع الأمنية، لأنها ستساهم في عودة الحياة للملاعب العراقية، التي استمتعنا بنجومها الكبار، أمثال علي كاظم وحسين سعيد وراضي ورعد وفلاح، وغيرهم، من الأسماء التي لا يمكننا أن ننساها، خاصة عندما كان يعلق طيب الذكر، كبير المعلقين مؤيد البدري، ونتمنى له الشفاء العاجل، حيث يعيش مع ابنته في لندن، واشتهر بعبارات لا تنسى، مثلاً «يقدر يضرب ويناول ويسجل»، وغيرها، فلهجتهم حلوة، ويعول العراق بشكل أساسي على الدعم الخليجي، ومباراة اليوم، تسير في هذا الاتجاه، وللسعودية بقيادة «سلمان الحزم»، ثقلها السياسي الكبير، وحضور أبنائه إلى العراق، يعني الكثير، وسيفتح شهية الدول الأخرى للزيارة، ومساندة الأشقاء، ونأمل أن تساهم تلك المباراة الاستثنائية، في تعزيز ثقة الفيفا، لأنها تأخذ الطابع البروتوكولي، أكثر من الفني، ومع مثل هذه المباريات، نشيد بحكماء الرياضة في البلدين.. والله من وراء القصد.

Email