عظم الله أجركم!

ت + ت - الحجم الطبيعي

■ هذا العنوان، كتبته أثناء دورة بكين، أي قبل ثماني سنوات، كتعبير عن حال العرب في الدورات الأولمبية، حيث يبلغ عدد ميدالياتنا حتى كتابة هذه الزاوية في أولمبياد ريو دي جانيرو الحالي، ست ميداليات فقط، ونحن نقترب من نهاية الحلم الأولمبي، وعبرت بكل صراحة وأمانة عن الحال المأساوي للرياضة العربية بشكل عام، وهو ما كشفت عنه ألعاب ريو 2016، وإننا شعب لا نعرف إلا كرة القدم فقط، ونصرف المئات من الملايين دون حساب أو رقابة، وكان الله في عون الملايين من الشعوب العربية، نحن شطار في نشر الغسيل المتسخ، وعلى الهواء مباشرة!!، وحتى إذا وجهت انتقادات بناءة، نغضب ونستاء، رغم أن حرية الرأي مطلوبة، خاصة إذا كانت من قيادات تحب الوطن، وتغار عليه، وعلينا ألا نتحسس من النقد البناء، الذي يخدمنا ولا يدمرنا، فلماذا العتب والغضب!!

■ وحتى كتابة الزاوية صباح أمس، رفعت الدول المتقدمة رصيدها من الميداليات، وعلى رأسها «ماما أميركا»، يليها الأصدقاء الآسيويون الصين واليابان وكوريا الجنوبية، الذين سنتنافس معهم في كرة القدم، من أجل التأهل إلى نهائيات روسيا 2018، وقد أسعدنا أن رفعت الكويت الشقيقة الرصيد العربي بميدالية برونزية أخرى، وقد وصل أبطالها أمس، وسط احتفالات غير عادية، وقد أعرب الرامي الكويتي عبدالله الرشيدي صاحب برونزية الاسكيت، عن سعادته البالغة بالفوز بأول ميدالية أولمبية في تاريخه، وأهدى الإنجاز إلى كل العرب، حيث انتظر هذا الإنجاز 20 عاماً، وتمنى أن يحرز الذهبية، حتى يرضي طموح شعب الكويت ورد الجميل للوطن، والمشهد المؤثر لحظة التتويج، تمثل في أن البطل الكويتي لم يرفع رأسه حتى لا يرى العلم الأولمبي، بعد أن حرم من مشاهدة علم بلاده نتيجة الإيقاف المفروض على الرياضة الكويتية، ونأمل أن يتعلم الأشقاء، ويخرج من تسبب في أزمة الحياة الرياضية الكويتية، وبعيداً عن صراع المصالح الفردية، الذي دمرنا، فالرياضة العربية تئن من الخلافات الشخصية وحب الكراسي!! ونأمل أن تعود الرياضة الكويتية إلى سابق عهدها ووضعها الطبيعي.

■ أحداث متلاحقة ومتتالية تستحق المتابعة وجميعها في غاية الأهمية، وبين النجاح والفشل يا قلبي لا تحزن.. فقد أسعدنا من فاز من العرب وأحزننا سقوط العديد من الذين يفترض أنهم أبطال دوليون أنفق على إعدادهم الملايين، والمهم بل الأخطر، علينا أن نعد سيناريوهات جديدة لكي نساهم في دفع مسيرة الرياضة العربية، ولن يتأتى ذلك إلا إذا وضعنا خططاً وبرامج علمية بعيداً عن «الشو والبروبجندا» الإعلامية وحب الأنا والنرجسية التي زادت في الآونة الأخيرة! وللأسف الشديد كانت مشاهد السقوط العربي في مختلف الاتجاهات، فثقافة التعامل مع الأولمبياد، حدوتة وحدها، ومن الصعب أن تٌكتب في زاوية أو حتى في كتاب، لأن ثقافة الأولمبياد تولد مع المجتمع وتكبر مع الرياضي، منذ نشأته الأولى، لاحظوا معي كيف أن الفتى السنغافوري سكولينغ والذي فجر مفاجأة كبيرة، بحرمانه فيلبس أسطورة السباحة الأميركية، من إحراز ذهبيته الخامسة في ألعاب ريو، عندما هزمه في سباق 100م فراشة، وهو من كان قد حرص على التقاط صورة مع المخضرم فيلبس المثل الأعلى له قبل سنوات، عندما كان طفلاً صغيراً واليوم فاز عليه، وهذه هي الثقافة والتربية الصحيحة للرياضيين الأولمبيين، لكي يكسبوا الذهب، بينما رياضيونا العرب يأكلون «الهامبورغر والكنتاكي والبيتزا»، هذا هو الفارق بين من يصنع البطل، وبين من يريد أن يأكل ولا يترك الآخرين يتذوقون!! وعظم الله أجركم يا عرب.. والله من وراء القصد.

Email