في بيتنا «زول»

ت + ت - الحجم الطبيعي

 بيني وبين الإخوة السودانيين، عشرة عمر تمتد أكثر من 30 سنة، خاصة في المجال الإعلامي، وهي مهنتي التي أعشقها خاصة الإعلام الرياضي، وتحديداً الصحافة والرياضة التي أصبحت اليوم، هي القاطرة التي تجر المؤسسات الصحافية نحو الوصول إلى يد القارئ، والإخوة السودانيون لهم حكاية مع الصحافة، لما يعرف عن هذا الشعب من تعلقه وعشقه لها وللرياضة..

ومن هنا لابد أن نذكر لجيل اليوم، الدور الرائد الذي قاموا به هنا في بلدهم الثاني الإمارات، في عدة فترات في الستينات والسبعينات والثمانينات، فقد كان لهم دور مؤثر لا ينكره أحد إطلاقاً، ونتوقف هنا عند شأن الصحافة التي يعتبرها الشعب السوداني، قهوة الصباح ووجبة أساسية في حياتهم اليومية، فهم عشاق الكلمة وكرة القدم بالذات، وتاريخنا في الخليج عامة والإمارات خاصة مع الرياضة السودانية عميق وحافل وله أبعاده القديمة..

فقد ساهم الإخوة (الزولات) في المنطقة بإثراء العديد من المجالات الرياضية سواء في التدريب أو اللعب أو في الطب والثقافة والأدب والصحافة، من الصعب علينا أن ننسى دورهم وأفضالهم، وبالأخص (العبد لله) أكن كل احترام وتقدير لزملاء المهنة، منهم من على قيد الحياة أو من قضى نحبه، وأخص بالذكر كمال محمد أحمد وعبدالمجيد عبدالرزاق ومحمد عابدين ومختار حسين، رحمهم الله جميعاً..

حيث تعلمت منهم الكثير ووقفوا إلى جانبي في بدايات عملي وانخراطي في بلاط الصحافة أواخر السبعينات، ولا أستطيع أن أرد لهم الجميل إلا بهذه الكلمات البسيطة التي أعبر فيها عن محبتي لكل (الزولات) فقد كانت لهم إسهامات في جميع الصحف الخليجية من دون استثناء إلى جانب المدربين واللاعبين القدامى الذين كانت لهم بصمات واضحة عندما لعبوا في دوريات الخليج لكرة القدم.

والصحافة الرياضية لها مكانتها، حيث يقدر الصحافي بحجم عطائه ودوره في المجتمع، ونجد هذه الأيام تقديراً معنوياً وجده عدد من زملاء المهنة، نعتبره تكريماً لنا جميعاً لأول مرة، فقبل سنوات وفي أمسية رمضانية رائعة نعمنا فيها بكرم وأريحية الأشقاء السودانيين، وهم يستضيفوننا بدار نادي الجالية السودانية بدبي، ولزاماً عليّ أن أرد الوفاء والدين لأهل الوفاء..

حيث تشرفت بإقامة لقاء هو الأول من نوعه في تاريخ الصحافة الرياضية بالمنطقة، بعد أن لبى 20 صحافياً رياضياً من البلد الشقيق دعوتي، لأستمتع بآرائهم بعيداً عن هموم العمل اليومية، فكانت ليلة ولا أروع وتقدم الحضور الأخ الكبير كمال طه أحد الأسماء الجميلة في الصحافة الرياضية التي لعبت دوراً في الرياضة الإماراتية، اختلفنا كثيراً ..

ولكن ظل التقدير المتبادل بيننا، وهذا هو الأساس أن نختلف في المصلحة العامة وليست الخاصة، فقد عدت بذكرياتي إلى الماضي، حيث أتحمل هذه الأيام مسؤولية التوثيق الرياضي، وهو شرف كبير لي وعادت بي الذاكرة إلى عقود مضت عرفنا خلالها الإخوة الأشقاء السودانيين من الذين وفدوا إلى أرضهم أرض الإمارات الطيبة، وشاركوا في بناء نهضتها الحضارية الحديثة بخبراتهم وعلمهم، وتذكرت كمال حمزة والمرحوم الفاتح التيجاني اللذين أسسا أول اتحاد لكرة القدم بدبي عام 65، و«البروفيسور» علي شمو، وكيل وزارة الإعلام مع قيام الدولة..

وفى مجال الكرة العديد من النجوم السودانيين الكبار الذين صالوا وجالوا في ملاعب الإمارات، وبعد أن اعتزلوا خلفوا لنا ذكريات عطرة بعطائهم الكروي الفذ وبدماثة خلقهم، لحظات جميلة عشتها مع الزملاء الطيبين الذين تعرف أصالة معدنهم بعيداً عن النفاق الاجتماعي الذي كثر للأسف هذه الأيام، إلا من الإخوة، وهذه حقيقة لا يعرفها هؤلاء، ولذا دخل السودانيون القلوب من أوسع الأبواب، فلا نرجسية ولا أنانية ولا حب للذات ولا غطرسة، ولا قيل وقال.. والله من وراء القصد.

Email