في ظل المتغيرات الحالية بشأن استضافة الملحق القاري، والتي يبدو أنها حُسمت بين أطراف تتقاطع مصالحهم، لا يسعنا إلا أن نتوقف قليلاً أمام مشهد يتكرر بتفاصيل مختلفة، لكن بجوهر واحد: أن كرة القدم لم تعد تُلعب فقط على المستطيل الأخضر.
أعود بالذاكرة إلى أكتوبر 1989، عندما كان منتخبنا الوطني يخوض التصفيات النهائية المؤهلة إلى مونديال 1990 في سنغافورة. حينها كان النجم الإماراتي الموهوب عبد الرزاق إبراهيم أحد أبرز لاعبي المنتخب، بل أحد ألمع نجوم المنطقة.
تألق عبد الرزاق في تلك التصفيات، وشارك أساسياً في مباريات قوية ضد الصين وقطر والسعودية وكوريا الشمالية، لكن المفاجأة جاءت قبل المواجهة الحاسمة أمام كوريا الجنوبية، حين وردنا قرار من «فيفا» بإيقافه، على خلفية تقرير قديم رُفع خلال مشاركتنا في بطولة العالم العسكرية في إيطاليا، بسبب مشادة حدثت بعد مباراة بلجيكا، القرار جاء متأخراً في توقيت حاسم، وكان له أثر كبير على معنويات المنتخب، رغم أننا تمكنا من التأهل التاريخي إلى مونديال إيطاليا بعد التعادل في تلك المباراة.
تلك الواقعة لم تكن فقط درساً في مفاجآت اللعبة، بل كشفت لنا بوضوح أن «اللعب خارج الملعب» قد يكون أحياناً أكثر حسماً وتأثيراً من أداء اللاعبين داخل الملعب. فالقرارات، والتقارير، والضغوط، والمصالح، كلّها تلعب أدواراً لا تقل أهمية عن تكتيك المدرب ومهارة اللاعب.
وها نحن اليوم، نعيش وضعاً مشابهاً، النقاشات حول مكان إقامة الملحق القاري تتخذ طابعاً آخر أكثر منه رياضياً، والمصالح تحرك المشهد من خلف الكواليس، في مثل هذه الأوقات يجب أن نتحرك ونستعد، ليس فقط في تجهيز المنتخب فنياً، بل أيضاً في فهم ما يدور خارج الخطوط، فمن لا يتقن اللعب خارج الملعب، قد لا يُمنح حتى فرصة دخوله. والله من وراء القصد