الاحتلال

ت + ت - الحجم الطبيعي

تُوقعنا العناوين في خدعة الانجذاب أو إثارة الفضول في أحيان كثيرة، وليس من شك عندي بأن القراء الأعزاء الذين قرأوا عنوان المقال اليوم ظنوا أنني سأكتب عن الاحتلال بالمعنى المتداول، إلا أن (الاحتلال) هنا ليس سوى عنوان لإحدى روايات الكاتبة الفرنسية آني إرنو، التي منحت جائزة نوبل للآداب أمس الخميس. وكنت قد كتبت عنها منذ أكثر من عشر سنوات يوم قرأت «الاحتلال» وأعجبت بفكرتها وأسلوبها.

ما ضرورة أو مناسبة العودة لنفس الرواية اليوم؟ الحقيقة أن العودة ليست للرواية، ولكن للكاتبة آني إرنو، التي ظل اسمها مطروحاً منذ سنوات للجائزة العالمية، حتى نالتها أخيراً، وبذلك تكون المرأة السابعة عشرة التي تحصل عليها، من أصل 119 فائزاً بفئة الآداب منذ تم منح جائزة نوبل لأول مرة عام 1901. تبلغ آني إرنو اليوم 82 عاماً، وبذلك تضيف لسجل بلدها فرنسا اسماً جديداً في قوائم الفائزين بنوبل ليبلغوا ستة عشر اسماً.

لا أظن أن آني إرنو من الكتّاب المعروفين أو القريبين لذائقة القراء العرب، فعدد محدود جداً من رواياتها معروف ومتداول بينهم، أما ما تمت ترجمته (الاحتلال، شغف بسيط، المكان، الحدث، امرأة)، وكلها تجارب شخصية عاشتها إرنو، كل ما كتبته يتعلق بالذاكرة الشخصية وأبعادها وجذورها والقيود التي يضعها المجتمع عليها.

تكتب إرنو أدباً مباشراً فيما يعرف بروايات النوفيلا القصيرة، البعيدة عن الزخارف اللغوية والخيال، وترتكز على التجربة الذاتية، فالاحتلال مثلاً تسجيل لتجربة شخصية عاشتها بعد طلب انفصالها عن زوجها، ومعاناة الشعور بالغيرة التي استولت عليها إلى الدرجة التي وصفتها بالاحتلال، قالت: «إنه لكثرة ما بت أفكر في كيفية الحياة التي يتقاسمها زوجي مع المرأة الأخرى أصبحت هذه المرأة تحتلني وتستولي على كل وقتي وتفكيري».

أما تعليق آني إرنو على فوزها بنوبل فكان: «يعني منحي جائزة نوبل إعطائي شهادة عن شكل من أشكال الإنصاف والعدالة فيما يتعلق بالعالم». يبقى الكاتب تواقاً للعدالة والإنصاف دائماً، حتى وهو في الثانية والثمانين من العمر.

Email