الأسئلة التي تضيء بصيرتك

ت + ت - الحجم الطبيعي

في أوقات معينة نصبح أكثر هشاشة مما كنا نتصور أنفسنا، فقد كنا نظن أننا أقوياء بما يكفي لنواجه الظروف الصعبة، والأحزان العميقة، وفقد الأحبة، ولحظات الفشل، وتلك اللحظات التي ينتابنا فيها شوق جارف لا سبيل لإيقاف تدفقه، شوق لأشخاص لم يعد ممكناً أن نراهم ثانية، ولمنازل سكناها في سنوات بعيدة، لأصحاب تواروا في الزمن، تحت رحمة الشوق تغدو هشاشتنا أشبه بنوبة بكاء، فلا ندري كيف نتصرف؟ يلجأ معظمنا للذاكرة، للصور، لأرقام الهواتف القديمة، لأماكن لم نزرها منذ سنوات في تلك اللحظات يكون الحنين صعباً والذاكرة ملجؤنا الوحيد !

تقلب مجموعة صور تعود لعشرين عاماً أو أكثر، تنظر إليها باهتمام تفحص وجهك ومن معك، كيف كنت ؟ أين فلان وأين فلانة ؟ كيف ضاع الأصحاب في الطريق ؟ كيف أهملت السؤال عنهم ؟ كيف طال الفراق وانحلت عقدة المحبة ؟ وفي صورة أخرى بيت شبابك، أيامك الحلوة، نزف قلبك، بيت العائلة حيث الأخوة والأخوات والجيران وتجمعات الأيام الحلوة، وتتساءل: أين ذهب ذلك كله ؟

إن هذه الأسئلة التي تطرحها على الماضي يمكن أن تضيء بصيرتك من حيث لا نتوقع، كما يمكنها أن تفتح لك أبواباً مغلقة في حاضرك المعلق على جدار الحيرة !

تنير الأسئلة بصيرتك، تعيدك للوراء لتقذفك في اليوم، تصف الوجوه والأسماء أمامك، تحاكمك وتؤنبك وتهزك، تهز قناعاتك بقيم الحداثة، وبقيم ما بعد الحداثة، قيم العائلة، الأخلاق، التغيير الاجتماعي الحتمي، والشعارات الكبيرة جداً التي تعرف أنها حق يراد به باطل: شعارات الحقوق، الحريات الشخصية، حق الاختيار، لكنك تقر بأنك كنت أكثر حرية فيما مضى، تتمتع بحقوقك وراضٍ بحياتك، صحيح أنك لم تمتلك هاتفاً ذكياً ولا نتفليكس ولا تعرف شيئاً عن الماركات العالمية في تلك الأيام لكن أياً من ذلك لم يكن ينقصك!

 

Email