عقوبة تعنيف الأطفال!

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد أن تعرضت المراهِقة للضرب المبرح على يد والدها، الذي كان تحت تأثير الكحول، إلى درجة استدعت نقلها للمستشفى، وتم إبلاغ السلطات المختصة، مثل الوالد وابنته المراهقة أمام القاضية المعنية بقضايا الأحداث، وبعد الاطلاع على كافة الحقائق والمستندات، طلبت من الوالد الوقوف للاستماع إلى الحكم، الذي أصدرته ضده باعتباره متهماً باستخدام العنف ضد ابنته تحت تأثير الكحول.

فبالعودة إلى قانون القضايا الخاصة المتعلقة بعقوبة تعنيف الأطفال في كوريا، يمنع الأب باعتباره ممارساً للعنف تحت تأثير الكحول من التواجد مع أفراد عائلته لمدة عام، كما يلتزم بالابتعاد عن المنزل أو التواصل مع ابنته المعنفة عبر وسائل التواصل، خلال الفترة نفسها، كما يجرد من جميع حقوقه الأبوية لمدة عام، ويحكم عليه بـ 200 ساعة من الخدمة الاجتماعية والتدريب، ويلزم بالخضوع للعلاج من إدمان الكحول، على أن يقضي هذا العام في منشأة مراقبة!

بدا لي هذا الحكم صاعقاً بالفعل في مجتمع رغم قسوته القانونية ضد التعنيف إلا أنه منتشر بقوة داخل المجتمع، الذي يحمي حقوق الأطفال والمراهقين بحرص شديد، إلا أن ذلك لم يمنع من تفاقم جرائم المراهقين في كوريا الجنوبية الدولة المتقدمة علمياً واقتصادياً وسياسياً، ما يرسم علامة استفهام كبيرة في هذا الاتجاه، ما الذي يفاقم جنوح الأحداث إلى مستوى ارتكاب جرائم قتل وسرقة ودعارة، وتعذيب للضحايا، وتكوين عصابات؟

عندما تلت القاضية حكمها، بدا الحكم مزلزلاً للأب، فنظرت إليه القاضية قائلة: عليك أن تعلم بأنك إذا استخدمت العنف ضد عائلتك فهذه جريمة، وفي المحكمة كل الأمور تحاكم استناداً إلى الحقائق، سواء كنت أباً أو ابناً، هذا ليس هو المهم، المهم هو إن كنت قد لجأت إلى العنف أم لا؟ لكن ماذا عن جرائم الأحداث والصغار، الذين ينجون من العقوبة دائماً نظراً لصغر سنهم؟ هذه هي المعادلة الصعبة، التي فشلت أكثر المجتمعات تطوراً في إيجاد حلول جذرية لها!

Email