لمن السيطرة؟ 2-‏2

ت + ت - الحجم الطبيعي

يذكر الكاتب الأمريكي إيان مورس في كتابه العوامل الرئيسة المتسببة في تطور أو عدم تطور الدول وهي:

تغير المناخ، تدفقات الهجرة، مأساة الجوع، انتشار الأوبئة والأمراض، فشل الدول في النهوض بواجباتها تجاه مجتمعاتها وشعوبها، ثم يغوص في تاريخ تطور البشرية منذ حقبة الكهوف وإلى الآن، ليقدم لنا تفسيراً علمياً لظاهرة الحضارة، وأسباب التفوق والهزيمة، ولماذا سيطر الغرب مؤخراً؟ ولمن ستكون الغلبة القادمة على العالم في ظل تدهور أمريكا اقتصادياً وبروز علامات تفكك واضحة في بنيتها العامة، مقابل تفوق الصين!

يقول موريس: إن الازدهار والتفوق الذي سيطر الغرب من خلاله على معظم أرجاء العالم يعود في نقطة بدايته لتطور المواصلات وتفوقهم في بناء السفن، التي تمكن المغامرون الإسبان والبرتغاليون بواسطتها ومنذ 500 سنة، ومن بعدهم الفرنسيون والإنجليز، من القضاء على ثقافة الخوف، وإعلاء ثقافة البحث ومواجهة المجهول، الذي قادهم لما عرف بالكشوفات الجغرافية التي افتتحت حقبة اكتشاف الأمريكتين، ومن ثم بداية الاستعمارات الكبرى، وبناء الامبراطوريات فيما وراء البحار.

لا يوافق أيان موريس على أن الإغريق والديانات السماوية أو القانون الروماني أو تأثير حضارات الشرق العريقة في مصر وبلاد الرافدين، كان لها فضل في تفوق الغرب (وجهة نظر تحتاج لنقاش) مقارناً بشكل مادي مجرد بين من أنجز الحضارات، وبين من سيطر في نهاية الأمر، والذي سيطر هو الغرب الذي وصل بسفنه إلى منابع الثروة، مع ذلك فالرجل الذي وجد نقداً حاداً على فكرته هذه، يؤكد أن التطور الطبيعي للبشرية لن يبقي الغرب إلى الأبد، بل إن مقاليد السيطرة ومفاهيمها قد بدأت تختل بشكل وواضح لصالح اتجاهات أخرى، بعد أن أصبحت أمريكا القطب الأوحد مفلسة أو مديونة، في مقابل الصين التي دفعت لأمريكا مليارات الدولارات لتصبح الدائن الأعظم في التاريخ.

إن التفوق الواضح للتقنيات الحديثة، وازدهار حضارة الحاسوب والإنسان الآلي، ربما تستلزم إعادة النظر في مسألة تحديد السيطرة على مستوى الدولة الواحدة أو الدولة القطب، ما يعني أنه في الحقبة المقبلة لن يعود هناك قطب أوحد يسيطر على العالم، ألا يمكن أن تتقارب الصين والولايات المتحدة مثلاً؟

Email